للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في (الفتاوى البزازية): (والسجدة لهؤلاء الجبابرة كفر؛ لقوله تعالى مخاطباً للصحابة رضي الله عنهم: أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران: ٨٠] , نزلت حين استأذنوا في السجود له عليه الصلاة والسلام (١) ولا يخفى أن الاستئذان لسجود التحية بدلالة: بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ومع اعتقاد جواز سجدة العبادة لا يكون مسلماً، فكيف يطلق عليهم بعد إذ أنتم مسلمون)، وقيل لا يكفر لقصة إخوة يوسف عليه السلام، والقائل الأول يدعي نسخه بتلك الآية، وبقوله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: ١٨] , وقيل: إن أراد العبادة كفر، وإن أراد التحية لا، وهذا موافق لما ذكر في فتاوى الأصل) (٢).

وقال محمد علاء الدين الحصكفي (٣) فيمن نذر لغير الله:

(واعلم أن النذر الذي يقع للأموات من أكثر العوام وما يؤخذ من الدراهم والشموع والزيت ونحوها إلى ضرائح الأولياء الكرام تقرباً إليهم فهو بالإجماع باطل وحرام) (٤).

وقال ابن عابدين شارحاً لما سبق:

(قوله باطل وحرام لوجوه: منها أنه نذر لمخلوق، والنذر للمخلوق لا يجوز؛ لأنه عبادة، والعبادة لا تكون لمخلوق، ومنها أن المنذور له ميت، والميت لا يملك، ومنها أنه ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله تعالى، واعتقاده ذلك كفر) (٥).


(١) ذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (٢/ ٢٥٠) قال: وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: (بلغني أن رجلا قال: يا رسول الله نسلم عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك؟ قال: لا ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله فإنه لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله فأنزل الله مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ *آل عمران: ٧٩ - ٨٠*, قال المناوي في ((الفتح السماوي)) (١/ ٣٧٠): قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: لم أجد لَهُ إِسْنَادًا، وَنَقله الواحدي فِي ((الأَسْبَاب)) عَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَكَذَا أخرجه عبد بن حميد فِي ((تَفْسِيره)) عَنهُ.
(٢) ((الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية)) (٦/ ٣٤٣)، وانظر كلام صنع الله الحلبي الحنفي في ((تيسير العزيز الحميد)) لسليمان بن عبد الله بن محمد عبد الوهاب (ص: ٢٠٧)، وفتح المنان للألوسي (ص: ٤٢٠)، ورسالة في ((تحريم اتخاذ الضرائح المصنوعة من الخشب)) لمحمد الأبادي (ص: ٢٥ – ٢٨)،: - و ((روح المعاني)) للألوسي (١٧/ ٢١٢)، و ((نصاب الاحتساب)) لعمر السنامي (ص: ٣١٧).
(٣) محمد بن علي بن محمد الحصكفي الدمشقي الحنفي، فقيه، أصولي، مفسر، نحوي، رحل إلى القدس، وتولى إفتاء الأحناف، له مؤلفات، توفي بدمشق سنة ١٠٨٨ هـ. انظر: ((معجم المؤلفين)) (١١/ ٥٦).
(٤) ((الدر المختار مع حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٤٣٩)
(٥) ((حاشية ابن عابدين)) (٢/ ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>