للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (١) معلقاً على هذا الإجماع: (وهو إجماع صحيح، معلوم بالضرورة من الدين، وقد نص العلماء من أهل المذاهب الأربعة، وغيرهم في باب حكم المرتد على أن من أشرك بالله فهو كافر، أي عبد مع الله غيره بنوع من أنواع العبادة) (٢).

ويقول ابن تيمية أيضاً:

(سؤال الميت والغائب نبيًّا كان أو غيره من المحرمات المنكرة باتفاق المسلمين، لم يأمر الله به ولا رسوله، ولا فعله أحد من أئمة المسلمين، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين المسلمين أن أحداً منهم كان يقول إذا نزلت به ترة (تبعة)، أو عرضت له حاجة لميت يا سيدي فلان، أنا في حسبك، أو اقض حاجتي كما يقول بعض هؤلاء المشركين لمن يدعونهم من الموتى والغائبين، ولا أحد من الصحابة رضي الله عنهم استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، ولا بغيره من الأنبياء، لا عند قبورهم، ولا إذا بعدوا عنها) (٣).

ويقول في موضع ثالث: (وأما دعاء صفات الله وكلماته فكفر باتفاق المسلمين فهل يقول مسلم يا كلام الله اغفر لي وارحمني، وأغثني، أو أعني، أو يا علم الله، أو يا قدرة الله، أو يا عزة الله، أو يا عظمة الله ونحو ذلك) (٤).

ويقول رحمه الله:

(إن دعاء غير الله كفر، ولهذا لم ينقل دعاء أحد من الموتى والغائبين لا الأنبياء ولا غيرهم عن أحد من السلف وأئمة العلم، وإنما ذكره بعض المتأخرين ممن ليس من أئمة العلم المجتهدين) (٥).

ويقول ابن عبد الهادي (٦): (ولو جاء إنسان إلى سرير الميت يدعوه من دون الله ويستغيث به، كان هذا شركاً محرماً بإجماع المسلمين) (٧).

والآن نسوق جملة من كلام أهل العلم في هذا المبحث على النحو التالي:

(قال ابن عقيل: لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم، إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم، قال: وهم كفار عندي بهذه الأوضاع، مثل: تعظيم القبور وإكرامها بما نهى الشرع عنه، ومن إيقاد النيران وتقبيلها وتخليقها، وخطاب الموتى بالألواح، وكتب الرقاع فيها: يا مولاي افعل بي كذا وكذا، وأخذ التراب تبركاً) (٨).

ويقول ابن تيمية:

(فكل من غلا في حي، أو في رجل صالح ... وجعل فيه نوعاً من الإلهية، مثل أن يقول يا سيدي فلان اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، أو ارزقني، أو أغثني، أو أجرني، أو توكلت عليك، أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك، أو نحو هذه الأقوال والأفعال، التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله تعالى، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله إنما أرسل الرسل، وأنزل الكتب لنعبد الله وحده لا شريك له، ولا نجعل مع الله إلهاً آخر) (٩).

ويقول أيضاً:


(١) ولد في الدرعية عام ١٢٠٠هـ اشتغل بالعلم والتدريس، وله عناية فائقة بالحديث، وتولى القضاء، وله مؤلفات، توفي مقتولاً سنة ١٢٣٣ هـ انظر: ((علماء نجد)) (١/ ٢٩٣) و ((الأعلام)) (٣/ ١٢٩)
(٢) ((تيسير العزيز الحميد)) (ص: ٢٢٩).
(٣) ((الرد على البكري)) (ص: ٢٣١)
(٤) ((الرد على البكري)) (ص: ٢٣١)
(٥) ((قاعدة جليلة)) (ص: ٢٨٥)، وانظر ((الرد على البكري)) (ص: ٣١٢).
(٦) أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي، مقرئ، فقيه، أصولي محدث، له مؤلفات، توفي بدمشق سنة ٧٤٤ هـ. انظر: ((الدرر الكامنة)) (٣/ ٤٢١)، و ((البدر الطالع)) (٢/ ١٠٨).
(٧) ([٩٩٩٥]) ((الصارم المنكي) (ص ٤٣٦).
(٨) ((تلبيس إبليس)) لابن الجوزي (ص٤٥٥)
(٩) ((مجموع الفتاوى)) (٣/ ٣٥٩) باختصار، وانظر ((قاعدة جليلة)) (ص ٢٤٣، ٣٠٠)، والرد على الأخنائي (ص ٦١) , و ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (٢/ ٧٠٣) و ((مختصر الفتاوى المصرية)) (ص ١٩١، ١٩٣، ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>