للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول ابن حزم: قد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقل الكواف التي نقلت نبوته وأعلامه وكتابه أنه أخبر أنه لا نبي بعده ... فوجب الإقرار بهذه الجملة، وصحّ أن وجود النبوة بعده عليه السلام باطل لا يكون ألبتة (١).

ويقول ابن كثير: قد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في السنة المتواترة عنه أنه لا نبي بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل (٢).

ونسوق طرفاً من هذه الأحاديث؛ فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((وإنه سيكون في أمتي كذابون كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي)) (٣).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستار والناس صفوف خلف أبي بكر رضي الله عنه فقال: ((أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له)) (٤).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي)) (٥).

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ومثلي ومثل الأنبياء كرجلٍ بنى داراً فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون، ويقولون لولا موضع اللبنة))، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء)) (٦).

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة (٧).

د- أن ادعاء النبوة يتضمن أنواعاً كثيرة من المخالفات المناقضة لدين الله تعالى وآياته ورسوله.

فادعاء النبوة يناقض حقيقة كمال الدين وتمامه، وقد قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [المائدة:٣]

يقول ابن كثير: هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه (٨).

يقول ابن حزم: اتفقوا أن دين الإسلام هو الذي لا دين لله في الأرض سواه، وأنه ناسخ لجميع الأديان قبله، وأنه لا ينسخه دين بعده أبداً، وأن من خالفه ممن بلغه كافر مخلد في النار أبداً (٩).


(١) ((الفصل)) (١/ ١٤٦).
(٢) ((تفسير ابن كثير)) (٣/ ٤٧٥).
(٣) رواه أبو داود (٤٢٥٢)، والترمذي (٢٢١٩)، وابن ماجه (٣٩٥٢)، وأحمد (٥/ ٢٧٨) (٢٢٤٤٨)، والحاكم (٤/ ٤٩٦). من حديث ثوبان رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (ص: ٩٠٦) - كما أشار لذلك في مقدمته -. وحسّنه ابن حجر في ((هداية الرواة)) (٣/ ٤٠٦) – كما أشار لذلك في مقدمته -. وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.
(٤) رواه مسلم (٤٧٩).
(٥) رواه البخاري (٣٤٥٥) ومسلم (١٨٤٢).
(٦) رواه البخاري (٣٥٣٤)، ومسلم (٢٢٨٧).
(٧) انظر مثلاً كتاب ((عقيدة ختم النبوة بالنبوة المحمدية)) لأحمد سعد الغامدي (ص٣٠ - ٥٥)، حيث ساق في هذا الموضوع أكثر من ستين حديثاً رواها سبعة وثلاثون صحابياً.
(٨) ((تفسير ابن كثير)) (٢/ ١٣).
(٩) ((مراتب الإجماع)) (ص: ١٦٧، ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>