للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ- أن إنكار البعث تكذيب ظاهر لآيات القرآن الصريحة في إثبات البعث، كما أن هذا الإنكار رد للأخبار الصحيحة في وقوع البعث، وتكذيب لما اتفقت عليه دعوة الرسل عليهم السلام. ونزلت به الكتب السماوية، وقد قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا [النساء:٥٦].

وقال عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ [الأعراف٤٠].

وقال سبحانه: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ [الحج:٥٧]

يقول ابن أبي العز الحنفي: الإيمان بالمعاد مما دلّ عليه الكتاب والسنة، والعقل والفطرة السليمة، فأخبر الله سبحانه عنه في كتابه العزيز، وأقام الدليل عليه، ورد على منكريه في غالب سور القرآن (١).

وجاء في حديث أبي هريرة مرفوعاً أن الله تعالى يقول: ((يشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ويكذبني وما ينبغي له، أما شتمه فقوله إن لي ولداً، وأما تكذيبه فقوله لن يعيدني كما بدأني)) (٢).

وقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقسم بربه عز وجل على وقوع المعاد ووجوده في ثلاثة مواضع:

الأول: في سورة يونس في قوله تعالى: وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ [يونس:٥٣].

الثاني: في سورة سبأ في قوله تعالى:- وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ [سبأ:٣]

الثالث: في سورة التغابن في قوله تعالى:- زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن:٧] (٣).

وقد أقسم الله تعالى في مواضع كثيرة على وقوع البعث، كقوله تعالى: اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ [النساء:٨٦].

وذم سبحانه المكذبين بالمعاد،؛ فقال سبحانه: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ [يونس:٤٥].

وتوعدهم بالعذاب والضلال البعيد؛ فقال تبارك وتعالى: بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ [سبأ:٨].

وقد تنوعت الأدلة، وتعددت البراهين في إثبات المعاد، وصحة وقوعه كما جاء مفصلاً في موضعه (٤).

د- انعقد الإجماع على إثبات البعث، كما أجمع علماء هذه الأمة على تكفير منكري البعث، وقد حكى هذا الإجماع غير واحد من أهل العلم نذكرهم فيما يلي:

يقول ابن حزم: وأما من زعم أن الأرواح تنتقل إلى أجساد أخر فهو قول أصحاب التناسخ، وهو كفر عند جميع أهل الإسلام (٥).

ويقول أيضاً: واتفقوا أن البعث حق، وأن الناس كلهم يبعثون في وقت تنقطع فيه سكناهم في الدنيا ... (٦).


(١) ((شرح العقيدة الطحاوية)) (٢/ ٥٨٩).
(٢) رواه البخاري (٣١٩٣).
(٣) انظر: ((تفسير ابن كثير)) (٤/ ٣٧٥) , (٣/ ٥٠٤).
(٤) انظر مثلاً: ((شرح العقيدة الطحاوية)) (٢/ ٥٨٩ - ٦٠٠)، و ((القواعد الحسان)) للسعدي (ص٢٤، ٢٥)، و ((القيامة الكبرى)) للأشقر (ص٧٣ - ٩١)، و ((منهج القرآن في الدعوى للإيمان)) لعلي فقيهي (ص٢٨٥ - ٣٤٠).
(٥) ((المحلى)) (١/ ٣١).
(٦) ((مراتب الإجماع)) (ص١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>