للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - الإمام الحميدي، ت: ٢١٩هـ، حيث قال: (وأخبرت أن قوما يقولون: إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئا حتى يموت، أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن ما لم يكن جاحدا، إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه، إذا كان يقر الفروض واستقبال القبلة. فقلت: هذا الكفر بالله الصراح، وخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل المسلمين، قال الله عز وجل: وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:٥] قال حنبل: قال أبو عبدالله أو سمعته يقول: من قال هذا فقد كفر بالله ورد على الله أمره وعلى الرسول ما جاء به) (١).

٣ - الإمام الآجري، ت: ٣٦٠هـ، حيث قال: (بل نقول– والحمد لله– قولا يوافق الكتاب والسنة وعلماء المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم، وقد تقدم ذكرنا لهم: إن الإيمان معرفة بالقلب تصديقا يقينا، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، لا يكون مؤمنا إلا بهذه الثلاثة، لا يجزئ بعضها عن بعض، والحمد لله على ذلك) (٢).

وقال أيضا: (اعلموا رحمنا الله تعالى وإياكم: أن الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح.

ثم اعلموا أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقا، ولا تجزئ معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال كان مؤمنا. دل على ذلك الكتاب والسنة وقول علماء المسلمين) (٣).

وقال أيضا: (اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الذي عليه علماء المسلمين واجب على جميع الخلق: وهو تصديق القلب، وإقرار اللسان، وعمل الجوارح.

ثم إنه لا تجزئ معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون معه عمل بالجوارح. فإذا اكتملت فيه هذه الخصال الثلاثة كان مؤمنا، دل على ذلك الكتاب والسنة وقول علماء المسلمين.

ولا ينفع القول إذا لم يكن القلب مصدقا بما ينطق به اللسان مع القلب. وإنما الإيمان بما فرض الله على الجوارح تصديقا لما أمر الله به القلب، ونطق به اللسان، لقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج:٧٧]، وقال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:٤٣]، وفي غير موضع من القرآن، ومثله فرض الحج وفرض الجهاد على البدن بجميع الجوارح.

والأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان.


(١) رواه الخلال في ((السنة)) (٣/ ٥٨٦)، ورواه اللالكائي في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) (٥/ ٨٨٧)، وأورده شيخ الإسلام في ((الإيمان الكبير)) محتجاً به، كما في ((مجموع الفتاوى)) (٧/ ٢٠٩). وقول الحميدي وأحمد رحمهما الله هذا، صريح في تكفير تارك الفرائض (المقر بها).
(٢) ((الشريعة)) للآجري (٢/ ٦٨٦).
(٣) ((الشريعة)) (٢/ ٦١١)، وقد ادعى بعضهم أن الإجزاء هنا بمعنى الكمال، فلا يجزئ: أي لا يكمل. وهذه مكابرة وتحكم، وصغار طلبة العلم لا يخفى عليهم الفرق بين المجزئ والكامل؛ إذ ما برح الفقهاء يفرقون بين الغسل الكامل والمجزئ!! على أن في عبارة الآجري ما يهدم هذا التأويل، وذلك قوله: (لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقا)، فلو أُوّل الإجزاء بمعنى الكمال، للزم القول بصحة الإيمان مع ترك قول اللسان، وهذا لا قائل به من أهل السنة. ثم قوله بعد ذلك: (لا تنفعه) صريح أيضا في إثبات المطلوب، وانظر الجواب عن الشبهة الثانية من شبهات المخالف العقلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>