للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبكل ما شرحته لكم نزل به القرآن ومضت به السنة، وأجمع عليه علماء الأمة) (١).

وتأمل قوله: (لا تجزئ واحدة من هذه إلا بصاحبتها) فإنه موافق لما حكاه الشافعي: كما سبق.

٦ - شيخ الإسلام ابن تيمية، ت: ٧٢٨هـ، حيث قال في معرض الاستدلال على تكفير تارك الصلاة، والمناقشة لأدلة المخالفين: (وأيضا فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة قول وعمل، كما دل عليه الكتاب والسنة وأجمع عليه السلف، وعلى ما هو مقرر في موضعه، فالقول تصديق الرسول، والعمل تصديق القول، فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا.

والقول الذي يصير به مؤمنا قول مخصوص، وهو الشهادتان، فكذلك العمل هو الصلاة. وأيضا فإن حقيقة الدين هو الطاعة والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل، لا بالقول فقط، فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا، ومن لا دين له فهو كافر) (٢).

٧ - الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، ت: ١٢٠٦هـ، حيث قال: (لا خلاف بين الأمة أن التوحيد: لابد أن يكون بالقلب، الذي هو العلم؛ واللسان الذي هو القول، والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر والنواهي، فإن أخل بشيء من هذا، لم يكن الرجل مسلما.

فإن أقر بالتوحيد، ولم يعمل به، فهو كافر معاند، كفرعون وإبليس. وإن عمل بالتوحيد ظاهراً، وهو لا يعتقده باطناً، فهو منافق خالصاً، أشر من الكافر والله أعلم) (٣).


(١) ((الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية)) (٢/ ٧٦٠) وما بعدها. وزعم المخالف أن قوله: (ثم لا يكون أيضا مع ذلك مؤمنا حتى يكون موافقا للسنة في كل ما يقوله ويعمله) يبين معنى (الإجزاء) في كلامه، وقال: (فلينظر كلامه آخرا في موافقة العمل للسنة وعد (إجزائه إلا بها) فهل المتخلف عن ذلك يصير كافرا؟! أم أن المراد حتما اللزوم والوجوب والتوكيد عليهما؟! فالسياق واضح في ذلك أولا وأخيرا). قلت: أولا: لم يذكر ابن بطة لفظ (الإجزاء) عند الكلام على موافقة السنة، كما زعم المخالف. وثانيا: أن شيخ الإسلام بين وجه ذكر اتباع السنة هنا، فقال (٧/ ٥٠٥): (فقول السلف يتضمن القول والعمل، الباطن والظاهر، لكن لما كان بعض الناس قد لا يفهم دخول النية في ذلك، قال بعضهم: ونية. ثم بين آخرون أن مطلق القول والعمل والنية لا يكون مقبولا إلا بموافقة السنة. وهذا حق أيضا فإن أولئك قالوا: قول وعمل؛ ليبينوا اشتماله على الجنس ولم يكن مقصودهم ذكر صفات الأقوال والأعمال). فما ذكره ابن بطة: من القول والتصديق وعمل الجوارح، لا يقبل منه شيء إلا بموافقة السنة، والمراد بذلك عبادة الله على ما شرعه نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا أصل دين الإسلام، وهذا القيد هنا يخرج عبادات المشركين وأهل الكتاب، ممن أصل دينه على غير السنة، قال شيخ الإسلام: (ثم قالوا: لا يقبل قول وعمل إلا بنية، وهذا ظاهر؛ فإن القول والعمل إذا لم يكن خالصا لله، لم يقبله الله تعالى. ثم قالوا: لا يقبل قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة، وهي الشريعة، وهي ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن القول والعمل والنية الذي لا يكون مسنونا مشروعا قد أمر الله به، يكون بدعة، وكل بدعة ضلالة، وليس مما يحبه الله، فلا يقبله الله، ولا يصلح، مثل أعمال المشركين وأهل الكتاب) انتهى من ((الاستقامة)) (٢/ ٣١٠). فالمخالف لم يفقه المراد بموافقة السنة في هذا الباب، فقال ما قال، والله المستعان.
(٢) ((شرح العمدة)) (٢/ ٨٦).
(٣) ((الدرر السنية في الأجوبة النجدية)) (٢/ ١٢٤)، و ((مجموعة الرسائل والمسائل النجدية)) (٤/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>