للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج بقولنا: (ومات على الإسلام) من لقيه مؤمنا به ثم ارتد، ومات على ردته والعياذ بالله. وقد وجد من ذلك عدد يسير؛ كعبيد الله بن جحش الذي كان زوج أم حبيبة؛ فإنه أسلم معها، وهاجر إلى الحبشة، فتنصر هو ومات على نصرانيته (١). وكعبد الله بن خطل الذي قتل وهو متعلق بأستار الكعبة (٢)، وكربيعة بن أمية بن خلف (٣) على ما سأشرح خبره في ترجمته في القسم الرابع من حرف الراء. ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت، سواء اجتمع به صلى الله عليه وسلم مرة أخرى أم لا؛ وهذا هو الصحيح المعتمد. والشق الأول لا خلاف في دخوله وأبدى بعضهم في الشق الثاني احتمالا؛ وهو مردود لإطباق أهل الحديث على عد الأشعث بن قيس في الصحابة، وعلى تخريج أحاديثه في الصحاح والمسانيد؛ وهو ممن ارتد ثم عاد إلى الإسلام في خلافة أبي بكر (٤). وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين؛ كالبخاري، وشيخه أحمد بن حنبل، ومن تبعهما؛ ووراء ذلك أقوال أخرى شاذة: كقول من قال: لا يعد صحابيا إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة: من طالت مجالسته، أو حفظت روايته، أو ضبط أنه غزا معه، أو استشهد بين يديه؛ وكذا من اشترط في صحة الصحبة بلوغ الحلم، أو المجالسة ولو قصرت. وأطلق جماعة أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي. وهو محمول على من بلغ سن التمييز؛ إذ من لم يميز لا تصح نسبة الرؤية إليه. نعم يصدق إن النبي صلى الله عليه وسلم رآه فيكون صحابيا من هذه الحيثية، ومن حيث الرواية يكون تابعيا؛ وهل يدخل من رآه ميتا قبل أن يدفن كما وقع ذلك لأبي ذؤيب الهذلي الشاعر؟ (٥) إن صح محل نظر. والراجح عدم الدخول. الإصابة في معرفة الصحابة ١/ ٧


(١) [١١٠٤٤])) الحديث رواه أبو داود (٢١٠٧)، وأحمد (٦/ ٤٢٧) (٢٧٤٤٨)، والحاكم (٢/ ١٩٨). بلفظ: (عن عروة عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة فزوجها النجاشى النبى -صلى الله عليه وسلم- وأمهرها عنه أربعة آلاف وبعث بها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع شرحبيل ابن حسنة). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (٨/ ٢٤٤)، وصحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٦١٦) كما أشار إلى ذلك في المقدمة.
(٢) [١١٠٤٥])) الحديث رواه البخاري (١٨٤٦)، ومسلم (١٣٥٧). بلفظ: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال: اقتلوه) من حديث أنس رضي الله عنه.
(٣) [١١٠٤٦])) انظر: ((تعجيل المنفعة)) (ص: ٣٠٩)، ((أسد الغابة)) (٢٠/ ٢٠٩)، ((تجريد أسماء الصحابة)) (١/ ١٧٨)، ((طبقات ابن سعد)) (٣/ ٢٨٢)، (٨/ ٢٦٦)، (٩/ ٦٧)، ((البداية والنهاية)) (٥/ ١٧١).
(٤) [١١٠٤٧])) رواه ابن زنجويه في ((الأموال)) (ص: ٣٦٣)، وابن سلام الهروي في ((ص: الأموال)) (٢٧٣). بلفظ: ارتد الأشعث بن قيس في أناس من كندة، فحوصر، فأخذ الأمان لسبعين منهم، ولم يأخذ لنفسه، فأتى به أبو بكر، فقال (إنا قاتلوك، لا أمان لك، فقال: تمن علي وأسلم؟ قال: ففعل، فزوجه أخته). من حديث إبراهيم النخعي.
(٥) [١١٠٤٨])) انظر: ((أسد الغابة)) (٦/ ١٠٩)، و ((الاستيعاب)) (٤/ ١٦٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>