للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧ - وما رواه الطبراني عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (ثلاثة من قريش أصبح قريش وجوهاً، وأحسنها أخلاقاً، وأثبتها جناناً، إن حدثوك لم يكذبوك، وإن حدثتهم لم يكذبوك، أبو بكر الصديق، وأبو عبيدة بن الجراح، وعثمان بن عفان) (١).

٨ - وما رواه الطبراني عن ربعي بن خراش قال: (استأذن عبد الله بن عباس على معاوية وقد علقت عنده بطون قريش وسعيد بن العاص جالس عن يمينه، فلما رآه معاوية مقبلاً قال: يا سعيد والله لألقين على ابن عباس مسائل يعيا بجوابها، فقال له سعيد: ليس مثل ابن عباس يعيا بمسائلك، فلما جلس قال له معاوية: ما تقول في أبي بكر؟ قال: رحم الله أبا بكر كان والله للقرآن تالياً، وعن الميل نائياً، وعن الفحشاء ساهياً، وعن المنكر ناهياً، وبدينه عارفاً ومن الله خائفاً، وبالليل قائماً، وبالنهار صائماً، ومن دنياه سالماً، وعلى عدل البرية عازماً، وبالمعروف آمراً، وإليه صائراً، وفي الأحوال شاكراً، ولله في الغدو والرواح ذاكراً، ولنفسه بالمصالح قاهراً، فاق أصحابه ورعاً وكفافاً، وزهداً وعفافاً، وبراً وحياطة، وزهادة وكفاءة، فأعقب الله من ثلبه اللعائن إلى يوم القيامة.

قال معاوية: فما تقول في عمر بن الخطاب؟ قال: رحم الله أبا حفص، كان والله حليف الإسلام، ومأوى الأيتام، ومحل الإيمان، وملاذ الضعفاء، ومعقل الحنفاء، للخلق حصناً، وللبأس عوناً، قام بحق الله صابراً محتسباً، حتى أظهر الله الدين، وفتح الديار، وذكر الله في الأقطار والمناهل، وعلى التلال وفي الضواحي والبقاع، وعند الخنا وقوراً، وفي الشدة والرضاء شكوراً، ولله في كل وقت وأوان ذكوراً، فأعقب الله من يبغضه اللعنة إلى يوم الحسرة.

قال معاوية: فما تقول في عثمان بن عفان؟ قال: رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة، وأوصل البررة، وأصبر الغزاة، هجاداً بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر الله، دائم الفكر فيما يعنيه الليل والنهار، ناهضاً إلى كل مكرمة، يسعى إلى كل منجية فراراً من كل موبقة، وصاحب الجيش والبئر، وختن المصطفى على ابنتيه، فأعقب الله من سبه الندامة إلى يوم القيامة.

قال معاوية: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: رحم الله أبا الحسن، كان والله علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجا، وطود البها، ونور السرى في ظلم الدجى، داعياً إلى المحجة العظمى، عالماً بما في الصحف الأولى، وقائماً بالتأويل والذكرى، متعلقاً بأسباب الهدى، وتاركاً للفجور والأذى، وحائداً عن طرقات الردى، وخير من آمن واتقى، وسيد من تقمص وارتدى، وأفضل من حج وسعى، وأسمح من عدل وسوى، وأخطب أهل الدنيا إلا الأنبياء والنبي المصطفى، وصاحب القبلتين، فهل يوازيه موحد؟ وزوج خير النساء، وأبو السبطين، لم تر عيني مثله، ولا ترى إلى يوم القيامة واللقاء، من لعنه فعليه لعنة الله والعباد إلى يوم القيامة.

قال: فما تقول في طلحة والزبير؟ قال: رحمة الله عليهما، كانا والله عفيفين، برين، مسلمين، طاهرين، متطهرين، شهيدين، عالمين، زلازلة والله غافر لهما – إن شاء الله – بالنصرة القديمة، والصحبة القديمة، والأفعال الجميلة.

قال معاوية: فما تقول في العباس؟ قال: رحم الله أبا الفضل، كان والله صنو أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرة عين صفي الله، كهف الأقوام، وسيد الأعمام، قد علا بصراً بالأمور، ونظراً بالعواقب، قد زانه علم، قد تلاشت الأحساب عند ذكر فضيلته، وتباعدت الأنساب عند فخر عشيرته، ولم لا يكون كذلك؟ وقد ساسه أكرم من دب وهب عبد المطلب. أفخر من مشى من قريش وركب ... الحديث.


(١) رواه الطبراني (١/ ٥٦) (١٦). وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٩/ ١٦٠): رواه الطبراني وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>