للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إن المتقدمين من المعتزلة ذهبوا إلى أن أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي) (١).

وأيدوا ما ذهبوا إليه:

بأن إجماع الصحابة من المهاجرين والأنصار على الترتيب بينهم في الإمامة، دليل على الترتيب بينهم في الفضل، ومن خرج على ذلك يعتبر - كما يقول أبو أيوب السختياني – ممن أزرى بالمهاجرين والأنصار، قال القسطلاني في (المواهب): (إن هؤلاء الأربعة اختارهم الله لخلافة نبيه، وإقامة دينه، فمنزلتهم عنده بحسب ترتيبهم في الخلافة) (٢).

وقال ابن كثير: (هذا – أي الترتيب بين الأربعة في الفضل كالترتيب بينهم في الخلافة – رأي المهاجرين والأنصار، حين جعل عمر الأمر من بعده شورى بين ستة، فانحصر في عثمان، وعلي، واجتهد فيهما عبد الرحمن بن عوف ثلاثة أيام بلياليها حتى سأل النساء في خدورهن على علي، وولاه الأمر قبله، قال: ولهذا قال الدارقطني: من قدم علياً على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، وصدق رضي الله عنه وأكرم مثواه، وجعل جنة الفردوس مأواه) (٣).

ويشير إلى هذا قول الشافعي:

(أجمع الصحابة وأتباعهم على أفضلية أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي – كما ذكر ذلك ابن حجر في (فتح الباري) (٤).

ثم إن أهل السنة لم يتعرضوا بعد ذلك إلى بيان التفاضل بين بقية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم عندهم كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.

قال الشيخ عبد السلام اللقاني في (إتحاف المريد) بعد أن ذكر الستة من العشرة المبشرة: (ولم يرد نص بتفاوت بعضهم على بعض في الأفضلية، فلا قائل به لعدم التوقيف) (٥). صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة – عيادة أيوب الكبيسي – ص: ١٧٦

وقد اتفق أهل السنة والجماعة على تفضيل أبي بكر وعمر على عثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فهذا متفق عليه بين أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة في العلم والدين من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وهو مذهب مالك وأهل المدينة، والليث بن سعد وأهل مصر، والأوزاعي وأهل الشام، وسفيان الثوري، وأبي حنيفة، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة وأمثالهم من أهل العراق، وهو مذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد وغير هؤلاء من الأئمة) (٦) (٧).

وحكى مالك إجماع أهل المدينة على ذلك فقال: (ما أدركت أحدًا ممن يقتدى به يشك في تقديم أبي بكر وعمر) (٨).

ونقل البيهقي في (الاعتقاد) بسنده إلى أبي ثور عن الشافعي أنه قال: (أجمع الصحابة وأتباعهم على أفضلية أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي) (٩).

والأدلة على ما ذهبوا إليه مستفيضة منها على سبيل المثال:


(١) ((شرح الأحول الخمسة)) (ص: ٧٦٦ - ٧٦٧)، وانظر ((المختصر في علم رجال الأثر)) (ص: ٣٢).
(٢) ((المواهب اللدنية)) (٧/ ٣٩).
(٣) ((الباعث الحثيث)) (ص: ١٨٣)، وانظر ((محاسن الاصطلاح)) (ص: ٤٣٣).
(٤) ((فتح الباري)) (٧/ ١٧)، ((الزرقاني على المواهب)) (٧/ ٣٩).
(٥) ((إتحاف المريد)) (ص: ٢٠٠).
(٦) [١١١٨١])) انظر: ((الاعتقاد)) للبيهقي (ص: ٣٦٩)، ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) لللالكائي (٨/ ١٣٦٩)، ((الفرق بين الفرق)) (ص: ٢٣٨)، ((الصواعق المحرقة)) (١/ ١٧٢)، ((لوامع الأنوار)) للسفاريني (٢/ ٣٥٦).
(٧) [١١١٨٢])) ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (٤/ ٤٢١).
(٨) [١١١٨٣])) انظر: ((الاستذكار)) (١٤/ ٢٤٤)، ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (٤/ ٤٢١).
(٩) [١١١٨٤])) ((الاعتقاد)) للبيهقي (ص: ٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>