للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن تيمية رحمه الله: (ما في أهل السنة من يقول: إن طلحة والزبير وسعداً وعبد الرحمن بن عوف أفضل منه (يعني من علي) – بل غاية ما يقولون السكوت عن التفضيل بين أهل الشورى وهؤلاء أهل الشورى عندهم أفضل السابقين الأولين والسابقون الأولون أفضل من الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا) (١) والحاصل أن بقية أصحاب الشورى الذين جعل عمر رضي الله عنه فيهم الأمر من بعده يختارون أحدهم أفضل الصحابة بعد علي رضي الله عنه عند أهل السنة والجماعة، وقال الإمام أحمد: (ثم من بعد أصحاب الشورى: أهل بدر من المهاجرين ثم أهل بدر من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدر الهجرة والسابقة أولاً فأول) (٢). وقد نقل جماعة من أهل العلم أن أفضل الصحابة بعد الأربعة بقية العشرة المبشرين بالجنة وهم أصحاب الشورى المذكورون, وسعيد بن زيد, بن عمرو بن نفيل, وأبو عبيدة بن الجراح (٣). ثم من بعد العشرة أهل بدر الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم: ((لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) (٤). وفي لفظ: ((فقد وجبت لكم الجنة)) (٥). وجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: من أفضل المسلمين – أو كلمة نحوها – قال: وكذلك من شهد بدراً من الملائكة)) (٦). ثم أهل أحد ثم أهل بيعة الرضوان الذين قال الله فيهم: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: ١٠]. وقال فيهم: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: ١٨]. وقال فيهم صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل النار، إن شاء الله، من أصحاب الشجرة أحد، الذين بايعوا تحتها)) (٧).

وقد كانوا أكثر من ألف وأربعمائة صحابي كما في الصحيح (٨).

ذكر هذا الترتيب في الفضل بعد العشرة النووي (٩). وابن الصلاح (١٠)، وابن كثير (١١). وذكر السفاريني تقديم أهل بيعة الرضوان على أهل أحد بعد أهل بدر وقال: (هو الأصح)، وقال: (لأن الله تعالى قال في أهل بيعة الرضوان: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: ١٨]. وقال في أهل غزوة أحد: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ [آل عمران: ١٥٥]. وفي الآية الأخرى: ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ [آل عمران: ١٥٢]. فوصفهم في الموضعين بالعفو, ووصف أهل البيعة بالرضى, وهو أعلى وأسنى وأفضل من العفو) قال: (وهذا ظاهر والله تعالى أعلم) (١٢). مباحث المفاضلة في العقيدة لمحمد الشظيفي – ص ٢٦٥

قال بعض العلماء: أن أهل أحد مقدمون على أهل بيعة الرضوان، ومن المعلوم أن من الصحابة من كان من أهل بدر ومن العشرة ومن أهل بيعة الرضوان ومن أهل أحد يعني بعض الصحابة اجتمعت لهم الأوصاف الأربعة وبعضهم لا، إذا قلنا: إن أهل أحد مقدمون على أهل بيعة الرضوان، أيهم أكثر؟

أهل بيعة الرضوان لأن أهل بيعة الرضوان ألف وأربعمائة وأهل أحد نحو سبعمائة نفر لكن أصابهم من البلاء والتمحيص والقتل ما لم يكن في بيعة الرضوان، لهذا رجَّح بعض العلماء أهل أحد على أهل بيعة الرضوان، ولكن الذي يظهر القول الأول: أن أهل بيعة الرضوان أفضل شرح العقيدة السفارينية لابن عثيمين - ص:٦٢١


(١) ((منهاج السنة)) (٤/ ٣٩٧).
(٢) ((شرح أصول الاعتقاد)) (١/ ١٥٩).
(٣) ((عقيدة الحافظ المقدسي، ضمن المجموعة العلمية السعودية)) (ص: ٥٢) و ((الجامع من المقدمات)) (١٧٥) و ((مقدمة ابن الصلاح)) (ص: ١٤٩) و ((الباعث الحثيث)) (ص: ١٥٦) و ((تقريب النواوي وشرحه التدريب)) (٢/ ٢٢٣) و ((لوامع الأنوار البهية)) (٢/ ٣٥٧) و ((معارج القبول)) (٢/ ٥٨٤).
(٤) رواه البخاري (٣٠٠٧)، ومسلم (٢٤٩٤). من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(٥) رواه البخاري (٣٩٨٣).
(٦) رواه البخاري (٣٩٩٢). من حديث رفاعة بن رافع رضي الله عنه.
(٧) رواه مسلم (٢٤٩٦). من حديث أم مبشر رضي الله عنها.
(٨) ((صحيح البخاري مع الفتح)) (٧/ ٤٤١).
(٩) ((التقريب مع التدريب)) (٢/ ٢٢٣).
(١٠) ((المقدمة)) (ص: ١٤٩).
(١١) ((اختصار علوم الحديث- مع الباعث الحثيث -)) (ص: ١٥٦).
(١٢) ((اللوامع)) (٢/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>