للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ هَذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ [الأنعام: ١٣٦].

وقوله تعالى: وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاء سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام: ١٣٩].

وقوله: مَا جَعَلَ اللهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ [المائدة: ١٠٣].

وكذلك بدعة المنافقين حين اتخذوا الدين ذريعة لحفظ النفس والمال وما أشبه ذلك مما لا يشك أنه كفر صراح) (١)

وقضية التحليل والتحريم خصوصية لله عز وجل، فمن ادعى التحليل والتحريم فقد شرع ومن شرع فقد أله نفسه. وكما أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق فهو أيضاً صاحب الأمر والسلطان، قال تعالى:

أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف: ٥٤].

وقال سبحانه: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ [النحل:١١٦].

فهذه البدعة الكفرية وأمثالها لأصحابها منا العداء والبغض والكره والجهاد بعد الإعذار والإنذار، والبراءة منهم لا تختلف عن البراءة من الكافر الأصلي. فقد قال صلى الله عليه وسلم ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) (٢).

قال البغوي:

(وقد اتفق علماء السنة على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم) (٣)

ونعود لرتب البدع كما ذكرها الشاطبي فقال:

(ومن البدع ما هو من المعاصي التي ليست بكفر أو يختلف فيها هل هي كفر أم لا؟ كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة ومن أشبههم من الفرق الضالة.

ومنها ما هو معصية ويتفق على أنها ليست بكفر، كبدعة التبتل (٤) والصيام قائماً في الشمس والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع.

ومنها: ما هو مكروه كالاجتماع للدعاء عشية عرفة، وذكر السلاطين في خطبة الجمعة على ما قاله ابن عبد السلام الشافعي (٥) وما أشبه ذلك) (٦)

فأرباب هذه البدع يتبرأ منهم أهل السنة والجماعة.

ثانياً: لخطورة البدع على الدين أورد هنا نماذج من أقوال سلف الأمة في التحذير من البدع وأصحابها. ومن ذلك ما قاله الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حيث يقول:


(١) ((الاعتصام)) (٢/ ٣٧)
(٢) رواه البخاري (٢٦٩٧) , ومسلم (١٧١٨).
(٣) ((شرح السنة)) (١/ ٢٢٧)
(٤) التبتل: هو الانقطاع عن الدنيا إلى الله. انظر ((مختار الصحاح)) (ص ٥٣).
(٥) هو سلطان العلماء عبد العزيز السلمي الدمشقي فقيه شافعي بلغ رتبة الاجتهاد ولد سنة ٥٧٧ هـ وتوفي سنة ٦٦٠ هـ من مؤلفاته ((التفسير الكبير))، و ((الإلمام في أدلة الأحكام))، و ((قواعد الشريعة)) و ((قواعد الأحكام)) و ((الفتاوى)). انظر ((الأعلام)) للزركلي (٤/ ٢١) الطبعة الرابعة وفية أن له ترجمة في فوات الوفيات (١/ ٢٨٧) و ((طبقات السبكي)) (٥/ ٨٠) و ((النجوم الزاهرة)) (٧/ ٢٠٨) و ((ذيل الروضتين)) (٢١٦) – و ((مفتاح السعادة)) (٢/ ٢١٢).
(٦) ((الاعتصام)) (٢/ ٣٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>