للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها من رواية مصعب بن سعد عن أبيه ((أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك واستخلف عليّاً رضي الله عنه، فقال: أتخلفني في الصّبيان والنساء؟ قال: ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي)) (١). هذا الاستثناء يزيل الإشكال من الرواية الأولى ويخصص عموم المنزلة بخصوص الأخوّة والاستخلاف في أهله فقط لا في النبوة كمشاركة هارون لموسى فيها إذ يقول الله تعالى لموسى اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه:٣١ - ٣٢]، وقال لهما: فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:١٦] ..... وفي (الصّحيحين) في تفسير قول الله تعالى: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ [الحج:١٩] عن قيس بن عدي عن أبي ذر رضي الله عنه إنّه كان يقسم فيها أنّ هذه الآية نزلت في حمزة وصاحبيه وعتبة وصاحبيه، برزوا في يوم بدر (٢).

وفيهما عنه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرّحمن للخصومة يوم القيامة. قال قيس: وفيهم نزلت: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ [الحج:١٩] قال: هم الذين بارزوا يوم بدرٍ علي وحمزة وعبيدة، وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة (٣).

وفيهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ((لأعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلّهم يرجو أن يعطاها فقال: أين عليّ بن أبي طالب؟ فقيل هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه. فأتى به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأنّ لم يكن به وجعٌ، فأعطاه الرّاية فقال عليٌّ: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال عليه الصلاة والسلام: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من أن تكون لك حمر النّعم)) (٤).

وعن سلمة بن الأكوع نحوه مختصراً، ونحوه عند مسلم أيضاً. وفيهما عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه: ((أنّ رجلاً جاء إلى سهل بن سعد فقال: هذا فلان لأمير المدينة يدعو علياً عند المنبر. قال: ماذا يقول له؟ قال: يقول أبو تراب؟ فضحك وقال: والله ما سمّاه إلاّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وما كان له اسم أحب إليه منه، فاستطعمت الحديث سهلاً وقلت: يا أبا العباس كيف؟ قال: دخل عليٌّ رضي الله عنه على فاطمة، ثم خرج فاضطجع في المسجد، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أين ابن عمك؟ قالت: في المسجد فخرج فوجد رداءه قد سقط عن ظهره، وخلص إلى ظهره، فجعل يمسح التّراب عن ظهره، فيقول: اجلس يا أبا تراب مرتين)) (٥).

وفي رواية مسلم عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال استعمل على المدينة رجلٌ من آل مروان، قال فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم عليّاً فأبى سهل فقال له أمّا إذا أبيت فقل لعن الله أبا تراب، فقال سهل: ما كان لعليٍّ اسم أحب إليه من أبي تراب، وإن كان ليفرح إذا دعي به. فقال له أخبرنا عن قصّته أسمى أبا تراب فذكره (٦).


(١) رواه مسلم (٢٤٠٤) (٣١).
(٢) رواه البخاري (٤٧٤٣) , ومسلم (٣٠٣٣).
(٣) رواه البخاري (٣٩٦٥).
(٤) رواه البخاري (٤٢١٠) , ومسلم (٢٤٠٦).
(٥) رواه البخاري (٣٧٠٣).
(٦) رواه مسلم (٢٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>