للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وروى أبو عيسى الترمذي بإسناده إلى الزبير -رضي الله عنه- قال: كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد درعان فنهض إلى الصخرة فلم يستطع فأقعد تحته طلحة، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم حتى استوى على الصخرة قال: فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أوجب طلحة)) (١).

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم ((أوجب طلحة)) أي: وجبت له الجنة بسبب عمله هذا أو بما فعل في ذلك اليوم فإنه خاطر بنفسه يوم أحد وفدى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلها وقاية له حتى طعن ببدنه وجرح جميع جسده حتى شلت يده (٢).

- وروى أبو نعيم بإسناده إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال: ذلك كله يوم طلحة (٣).

وهذا مدح وثناء عظيم من صديق هذه الأمة وشهادة صادقة لأبي محمد طلحة بن عبيد الله بثباته مع النبي صلى الله عليه وسلم في وقعة أحد التي أبلى فيها بلاء حسناً وكان موقفه عظيماً في غزوة أحد يذكر به في الآخرين -رضي الله عنه- وأرضاه.

- ومن مناقبه -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن طلحة ممن قضى نحبه ووفى لله بما نذره على نفسه من القتال في سبيله ونصرة دينه.

فقد روى الترمذي بإسناده إلى موسى بن طلحة قال: دخلت على معاوية فقال: ألا أبشرك؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((طلحة ممن قضى نحبه)) (٤).

وروى أيضاً: بإسناده إلى موسى وعيسى ابني طلحة عن أبيهما طلحة (أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لأعرابي جاهل: سله عمن قضى نحبه من هو؟ وكانوا لا يتجرؤون هم على مسألته يوقرونه ويهابونه فسأله الأعرابي فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم إني اطلعت من باب المسجد وعلي ثياب خضر فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أين السائل عمن قضى نحبه)) قال الأعرابي: أنا يا رسول الله قال: ((هذا ممن قضى نحبه)) (٥).

هذان الحديثان فيهما بيان فضل طلحة بن عبيد الله حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن طلحة ممن قضى نحبه وكان طلحة ضمن جماعة كعثمان بن عفان ومصعب وسعيد وغيرهم نذروا إذا لقوا حرباً ثبتوا حتى يستشهدوا وقد ثبت طلحة يوم أحد وبذل جهده حتى شلت يده ووقى بها النبي صلى الله عليه وسلم -رضي الله عنه- وأرضاه.

قال أبو بكر بن العربي أثناء ذكره لمسائل اشتمل عليها الحديث قال رحمه الله تعالى:

الرابعة: إلا أن قوماً تحققت عاقبتهم وأخبر الله تعالى عن حسن مآلهم وإن كانوا لم يوافوا بعد، فلهم شرف الحالة بذلك وعلو المنزلة وطلحة منهم.

الخامسة: وكان ذلك له -والله أعلم- بوقايته بنفسه للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد حتى شلت يمينه فقدمته يداه إلى الجنة وتقدمه إليها وتعلق بسبب عظيم لا ينقطع منها) (٦) ...


(١) رواه الترمذي (١٦٩٢). وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وقال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٤/ ١٥٢): صحيح، وصحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (ص: ٥٠٨) كما أشار إلى ذلك في مقدمته، وقال ابن حجر في ((الإمتاع)) (١/ ٩٢): صحيح.
(٢) انظر: ((تحفة الأحوذي)) (٥/ ٣٤١).
(٣) ((حلية الأولياء)) (١/ ٨٧).
(٤) رواه الترمذي (٣٢٠٢). وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، قال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٦/ ٢٨٨): حسن صحيح، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٥) رواه الترمذي (٣٢٠٣). وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): حسن صحيح.
(٦) ((عارضة الأحوذي بشرح الترمذي)) (١٢/ ٨٢ - ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>