للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: قوله لأهل نجران هم أهل بلد قريب من اليمن وهم العاقب واسمه عبد المسيح والسيد ومن معهما، ذكر ابن سعد أنهم وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم في سنة تسع وسماهم (١) ... ووقع في حديث أنس عند مسلم: (أن أهل اليمن قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام فأخذ بيد أبي عبيدة وقال: ((هذا أمين هذه الأمة)) (٢) فإن كان الراوي تجوز عن أهل نجران بقوله: (أهل اليمن) لقرب نجران من اليمن وإلا فهما واقعتان والأول أرجح) ا. هـ (٣).

- ومن مناقبه العالية -رضي الله عنه- أنه كان أحد من يصلح للخلافة، وأحد الناس الذين كانوا أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم روى الإمام مسلم بإسناده إلى ابن أبي مليكة قال: سمعت عائشة وسئلت: من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخلفاً لو استخلفه؟ قالت: أبو بكر فقيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح ثم انتهت إلى هذا (٤).

وهذا الأثر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تضمن منقبة عظيمة لأبي عبيدة وهي اعتقادها رضي الله عنها أنه صالح للخلافة وأنه أهل لها رضي الله عنه وأرضاه.

وروى الترمذي وابن ماجة بإسناديهما إلى عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة: أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه؟ قالت: أبو بكر قلت: ثم من؟ قالت: ثم عمر، قلت: ثم من؟ قالت ثم أبو عبيدة بن الجراح قلت: ثم من؟ فسكتت (٥).

وفي هذا بيان فضيلة لأبي عبيدة وهي أنه كان أحد الذين هم أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- ومن مناقبه -رضي الله عنه- أن الفاروق -رضي الله عنه- كان يكره مخالفته فيما يراه وأنه كان جليل القدر عنده. فقد روى الشيخان في (صحيحيهما) عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن عمر لما خرج إلى الشام وأخبر أن الوباء قد وقع به فجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشارهم فاختلفوا فرأى عمر رأي من رأى الرجوع فرجع فقال له أبو عبيدة: أفراراً من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة وكان عمر يكره خلافه، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله .. إلخ) الحديث (٦).

قال الحافظ رحمه الله تعالى: (وذلك دال على جلالة أبي عبيدة عند عمر) (٧).

- ومن مناقبه -رضي الله عنه- أنه عليه الصلاة والسلام قرنه في المدح بالشيخين.

روى الترمذي بسنده إلى أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح)) (٨) ثم قال: هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث سهيل.


(١) انظر: ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (٣/ ٤١٢).
(٢) رواه مسلم (٢٤١٩).
(٣) ((فتح الباري)) (٧/ ٩٣ - ٩٤).
(٤) رواه مسلم (٢٣٨٥).
(٥) رواه الترمذي (٣٦٥٧)، وابن ماجه (١٠٢). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه))، وقال الوادعي في ((الصحيح المسند)) (١٦٤٣): صحيح على شرط مسلم.
(٦) رواه البخاري (٥٧٢٩)، ومسلم (٢٢١٩).
(٧) ((الإصابة)) (٢/ ٢٤٤).
(٨) رواه الترمذي (٣٧٩٥). وقال: هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث سهيل، وقال ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (٢٥/ ٤٦٩): محفوظ، وقال النووي في ((تهذيب الأسماء واللغات)) (٢/ ٩٩): إسناده صحيح، وقال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (٥/ ٢٩٦): إسناده على شرط مسلم، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٥/ ٤٨٢) كما أشار إلى ذلك في مقدمته، وقال المناوي في ((تخريج أحاديث المصابيح)) (٥/ ٣٤٠): رجاله رجال الصحيحين إلا سهيل بن أبي صالح فإن البخاري روى له مقروناً.

<<  <  ج: ص:  >  >>