للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام موفق الدين بن قدامة رحمه الله تعالى مبيناً أن الصديق رضي الله عنه أحق الناس بخلافة النبي صلى الله عليه وسلم: (وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم لفضله وسابقته وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم، وإجماع الصحابة على تقديمه ومبايعته ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة، ثم من بعده عمر رضي الله عنه لفضله وعهد أبي بكر إليه، ثم عثمان رضي الله عه لتقديم أهل الشورى له ثم علي رضي الله عنه لفضله وإجماع أهل عصره عليه. وهؤلاء الخلفاء الراشدون المهديون الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ)) (١) (٢). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد أن ذكر الخلاف في مسألة تقديم عثمان على علي في الأفضلية، ثم بين أن أمر أهل السنة استقر في هذه المسألة على تقديم عثمان على علي رضي الله عنهما فقال: (وإن كانت هذه المسألة مسألة عثمان وعلي ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة لكن التي يضلل فيها مسألة الخلافة وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، وعمر، ثم عثمان، ثم علي ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله) (٣). وقال في موضع آخر: (اتفق عامة أهل السنة من العلماء والعباد والأمراء والأجناد على أن يقولوا: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي) (٤). وقال صديق حسن خان: (وأحقهم بالخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر لفضله وسابقته وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلوات على جميع أصحابه وإجماع الصحابة على تقديمه ومتابعته ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة) (٥).

وقال عمر بن علي بن سمرة الجعدي في صدد ذكره لترجمة الصديق رضي الله عنه: (ثم استخلف أفضل الصحابة وأولاهم بالخلافة معدن الوقار وشيخ الافتخار صاحب المصطفى بالغار سيد المهاجرين والأنصار الصديق أبو بكر التيمي ... قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يصلي بالناس أيام مرضه وبذلك احتج عمر رضي الله عنه على الأنصار يوم السقيفة فقال: (رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا أفلا نرضاه لدنيانا) (٦)، (وأيكم تطيب نفسه أن يزيله عن مقام أقامه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فانقادوا له وبايعوه) (٧).) (٨). فهذه طائفة من أقوال أئمة أعلام من أهل السنة والجماعة سقناها في هذا المبحث كلها توضح وتبين أن أهل السنة والجماعة يؤمنون ويعتقدون بأن أحق الناس بالخلافة بعد وفاة المصطفى عليه الصلاة والسلام هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين وهذا ما يجب على المسلم أن يعتقده ويؤمن به ويموت عليه. عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم – ناصر بن علي عائض – ٢/ ٥١٤


(١) رواه أبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٠)، وأحمد (٤/ ١٢٦) (١٧١٨٤)، والدارمي (١/ ٥٧) (٩٥)، والحاكم (١/ ١٧٤). من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علة، ووافقه الذهبي، وقال ابن عبدالبر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (٢/ ١١٦٤): ثابت صحيح، وحسنه البغوي في ((شرح السنة)) (١/ ١٨١)، وابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (٤/ ١١٩) وقال: إسناده لا بأس به، وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (٩/ ٥٨٢)، والعراقي في ((الباعث على الخلاص)) (١)، وابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (١/ ١٣٦) وقال: رجاله ثقات، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).
(٢) ((لمعة الاعتقاد)) (ص: ٣٥).
(٣) ((العقيدة الواسطية مع شرحها)) لمحمد خليل هراس (ص: ١٤٦).
(٤) ((الوصية الكبرى)) (ص: ٣٣).
(٥) ((قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر)) (ص: ٩٩).
(٦) انظر: ((مسند الشافعي بترتيب السندي)) (ص: ٣٦٢)، و ((الإحكام)) لابن حزم (٧/ ٤٢٣).
(٧) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٢٢/ ١٢٧).
(٨) ((طبقات فقهاء اليمن)) (ص: ٣٤ - ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>