للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاخلفني فيهم فهم عبادك ونواصيهم بيدك أصلح لهم وإليهم واجعله من خلفائك الراشدين يتبع هدي نبي الرحمة، وهدي الصالحين بعده وأصلح له رعيته) (١) وذكر أبو الفرج بن الجوزي عن الحسن بن أبي الحسن قال: (لما ثقل أبو بكر واستبان له من نفسه جمع الناس إليه فقال: إنه قد نزل بي ما قد ترون ولا أظنني إلا ميت لما بي وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتي وحل عنكم عقدتي، ورد عليكم أمركم، فأمروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمرتم في حياة مني كان أجدر أن لا تختلفوا بعدي فقاموا في ذلك وخلوا عليه فلم تستقم لهم، فرجعوا إليه فقالوا: رأينا يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيك قال: فلعلكم تختلفون قالوا: لا قال: فعليكم عهد الله على الرضى قالوا: نعم. قال فأمهلوني حتى أنظر لله ولدينه ولعباده أرسل أبو بكر إلى عثمان بن عفان فقال: اكتب فكتب حتى انتهى إلى الاسم فغشي عليه ثم أفاق: فقال: اكتب عمر) (٢) ومن هذا السياق تبين واتضح أن تولية الفاروق رضي الله عنه الخلافة كانت بعهد من الصديق رضي الله عنه ولقد صدقت فراسة أبي بكر في عمر حين اجتهد في العهد بالخلافة من بعده له رضي الله عنه فلقد قام بالخلافة أتم القيام حيث كان إماماً ناصحاً لله ولرسوله ولدين الإسلام حيث كثرت في خلافته الفتوح واتسعت رقعة الدولة الإسلامية ونعمت الأمة الإسلامية بعدله رضي الله عنه ولحسن اختيار الصديق رضي الله عنه في أن يكون الفاروق هو الخليفة من بعده اعتبر من أشد الناس فراسة بسبب ذلك فقد روى أبو عبد الله الحاكم بإسناده إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (إن أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين تفرس في يوسف فقال لامرأته: أكرمي مثواه، والمرأة التي رأت موسى عليه السلام فقالت لأبيها: يا أبت استأجره، وأبو بكر حين استخلف عمر رضي الله عنهما) (٣) قال الحاكم: فرضي الله عن ابن مسعود لقد أحسن في الجمع بينهم (بهذا الإسناد صحيح). عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم – لناصر بن علي عائض –٢/ ٦٢٩


(١) رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (٣/ ١٩٩ - ٢٠٠)، والطبري في ((تاريخ الأمم والملوك)) (٣/ ٤٢٨ - ٤٢٩)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (٣٠/ ٤١١ - ٤١٣).
(٢) ((تاريخ عمر)) لابن الجوزي (ص: ٦٦ - ٦٧).
(٣) رواه الحاكم (٣/ ٩٦). وقال: فرضي الله عن ابن مسعود لقد أحسن في الجمع بينهم، بهذا الإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>