للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضمن هذا الحديث الإشارة إلى ترتيب الخلفاء الثلاثة في الفضل كما تضمن الإشارة إلى أن ترتيبهم في الخلافة يكون على حسب ترتيبهم في الفضل وإلى حقية خلافتهم جميعاً رضي الله عنهم وأرضاهم.

(٥) وروى أبو داود رحمه الله بإسناده إلى جابر بن عبد الله أنه كان يحدث ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما تنوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم)) (١).

هذا الحديث علم من أعلام النبوة الدالة على صدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث حصل في شأن ترتيب الخلافة الراشدة طبقاً لهذه الرؤيا كما اشتمل على التنبيه على حقية خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم (وفيه إشارة واضحة إلى ترتيب الخلافة الراشدة بعده صلى الله عليه وسلم وقد فهم هذا راوي الحديث وكان كما قال) (٢).

(٦) وروى الشيخان في (صحيحيهما) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما كان يحدث ((أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الليلة في المنام ظلة تنطف السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون منها: فالمستكثر والمستقل وإذا سبب واصل من الأرض إلى السماء فأراك أخذت به فعلوت، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به ثم أخذ به رجل آخر فانقطع ثم وصل، فقال أبو بكر: يا رسول الله بأبي أنت والله لتدعني فأعبرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: اعبرها قال: أما الظلة فالإسلام، وأما الذي ينطف من العسل والسمن فالقرآن حلاوته تنطف فالمستكثر من القرآن والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله، ثم يأخذ به رجل فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل فينقطع به، ثم يوصل له فيعلو به، فأخبرني يا رسول الله – بأبي أنت – أصبت أم أخطأت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً قال: فوالله يا رسول الله لتحدثني بالذي أخطأت قال: لا تقسم)) (٣) تضمن هذا الحديث الإشارة إلى حقية خلافة عثمان رضي الله عنه، فقوله في الحديث: ((ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع ثم يوصل له فيعلو به)) هو عثمان رضي الله عنه لكن قوله: ((ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع ثم يوصل له فيعلو به)) فيه إشكال من حيث كونه يوصل له بعد انقطاعه مع العلم أن خلافة عثمان رضي الله عنه لم يحصل فيها انقطاع ولم تنقطع إلا بموته رضي الله عنه وأرضاه. وقد ذكر العلامة ابن القيم وجه الإشكال في شرحه الحديث على سنن أبي داود مع بيان إزالته حيث قال رحمه الله تعالى: (وهذا يشكل عليه شيئان:

أحدهما: أن في نفس الرؤيا ((ثم وصل له، فعلا به)) فتفسير الصديق لذلك مطابق لنفس الرؤيا.

والثاني: أن قتل عثمان رضي الله عنه لا يمنع أن يوصل له، بدليل أن عمر قد قتل ومع هذا فأخذ به وعلا به، ولم يكن قتله مانعاً من علوه به.


(١) رواه أبو داود (٤٦٣٦)، وأحمد (٣/ ٣٥٥) (١٤٨٦٣)، وابن حبان (١٥/ ٣٤٣) (٦٩١٣)، والحاكم (٣/ ٧٥). وقال: ولعاقبة هذا الحديث إسناد صحيح عن أبي هريرة ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وضعفه الألباني في ((ضعيف سنن أبي داود)).
(٢) ((الدين الخالص)) (٣/ ٤٤٥).
(٣) رواه البخاري (٧٠٤٦)، ومسلم (٢٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>