للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه النقول المتقدم ذكرها للإجماع عن هؤلاء الأئمة كلها تفيد إفادة قطعية أن البيعة بالخلافة تمت لعثمان رضي الله عنه بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ولم يخالف أو يعارض في ذلك أحد، وما يذكره كثير من المؤرخين كابن جرير وغيره عن رجال لا يعرفون (١) (أن علياً تلكأ فقال: عبد الرحمن: فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: ١٠] فرجع علي يشق الناس حتى بايع وهو يقول: خدعة وأيما خدعة) (٢).

فهذا باطل من وجوه:

الوجه الأول: أن هذه القصة مخالفة لما ثبت في الحديث الصحيح وذلك أنه ثبت في (صحيح البخاري) في قصة البيعة والاتفاق على عثمان (أن علياً رضي الله عنه بايع عثمان بعد عبدالرحمن بن عوف مباشرة ثم بايع الناس بعده) (٣) وما جاء مخالفاً لهذا فهو مردود على قائله وناقليه.

الوجه الثاني: أخرج ابن سعد بإسناده إلى مولى عمر بن الخطاب عن أبيه عن جده قال: (أنا رأيت علياً بايع عثمان أول الناس، ثم تتابع الناس فبايعوا) (٤).

الوجه الثالث: أن المظنون بالصحابة خلاف ما يتوهم كثير من الرافضة وأغبياء القصاص الذين لا تمييز عندهم بين صحيح الأخبار وضعيفها ومستقيمها وسقيمها وميادها وقويمها (٥).

فكل ما يذكر من أن علياً رضي الله عنه تلكأ عن بيعة عثمان أو تأخر عنها فهو مبني على خبر غير صحيح رجاله لا يعرفون قد يكون في الغالب من وضع الرافضة الذين أوبقوا أنفسهم ببغض الصحابة رضي الله عنهم. فبيعة عثمان تمت بإجماع المسلمين كافة ولا مطعن فيها لأحد من أهل الزيغ. عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم – ناصر بن علي عائض – ٢/ ٦٦٥


(١) انظر: ((البداية والنهاية)) (٧/ ١٦١).
(٢) ((تاريخ الأمم والملوك)) (٢/ ٥٨٦).
(٣) الحديث رواه البخاري (٣٧٠٠).
(٤) رواه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (٣/ ٦٢).
(٥) ((البداية والنهاية)) (٧/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>