للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد امتثل لهذا الأمر خلفاء المسلمين، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يعاتب أبا موسى الأشعري على اتخاذ كاتب نصراني فقد قال عبد الله بن أحمد: حدثنا أبي ... عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال: قلت لعمر رضي الله عنه: إن لي كاتبًا نصرانيًا قال: مالك؟ قاتلك الله. أما سمعت الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ... [المائدة: ٥١] ألا اتخذت حنيفيًا، قال: قلت: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. قال: (لا أُكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أُدنيهم إذ أقصاهم الله). وقال عمر رضي الله عنه أيضًا: (لا تؤمِّنوهم وقد خوَّنهم الله، ولا تُقرِّبوهم وقد أبعدهم الله، ولا تُعزُّوهم وقد أذلهم الله) (١)، ودرج على ذلك الخلفاء الذين لهم ثناء حسن في الأمة كعمر بن عبد العزيز والمنصور والرشيد والمهدي والمتوكل والمقتدر وغيرهم (٢).

جـ- الإجماع على ذلك:

أجمع المسلمون على عدم جواز تولية الكفار تدبير أمور المسلمين، وأنه لا ولاية لكافر على مسلم، وقد حكى هذا الإجماع كثير من أهل العلم منهم: ابن المنذر حيث قال: (أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم أن الكافر لا ولاية له على مسلم بحال) (٣) وقال القاضي عياض: (أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل. قال: وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها) (٤).

وبناء على هذا فلا يجوز أن تعقد الإمامة لكافر أصلي أو مرتد، لأن معنى إقامة دولة إسلامية هو أن تلتزم بالمنهج الإسلامي تطبقه وتعيش حياتها على وفق تعاليمه، وهذا المنهج الإسلامي لا يتصور تطبيقه إلا من أناس يدينون بالولاء والخضوع التام لمشِّرع هذا المنهج، الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة لعبدالله بن عمر الدميجي - بتصرف – ص: ٢٣٤


(١) [١٢٩٤٥])) رواه البيهقي (١٠/ ١٢٧) (٢٠٩١٠). قال ابن تيمية في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (١/ ١٨٤)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (٨/ ٢٥٥): إسناده صحيح.
(٢) [١٢٩٤٦])) انظر تفصيل ذلك في: ((أحكام أهل الذمة)) (١/ ٢١٢).
(٣) [١٢٩٤٧])) انظر: ((أحكام أهل الذمة)) (٢/ ٤١٤).
(٤) [١٢٩٤٨])) ((إكمال المعلم)) (٦/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>