للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - العمى: فهذا يمنع من عقدها ومن استدامتها، لأنه يُبْطِل القضاء ويمنع من جواز الشهادة - على رأي الجمهور - فأولى أن يمنع من صحة الإمامة (١). أما عشى العين وضعف البصر فلا يمنع من الاستدامة.

٢ - الصمم والخرس: ففي انعزاله بطروئهما عليه ثلاثة مذاهب حكاها الماوردي وهي:

الأول: ينعزل بذلك كما ينعزل بالعمى لتأثيرهما في التدبير والعمل، ورجّح هذا القول (٢)، وعليه اقتصر الرافعي والنووي (٣).

الثاني: لا ينعزل لقيام الإشارة مقام السمع، والخروج من الإمامة لا يكون إلا بنقص كامل.

الثالث: إن كان يحسن الكتابة لم يعزل، وإن كان لا يحسنها انعزل، لأن الكتابة مفهومة والإشارة موهومة (٤).

أما ما لا يؤثر ذهابه في الرأي والعمل كالخَشَم في الأنف الذي يمنع إدراك الروائح، وفقد الذوق الذي يعرف به الطعوم فإنهما لا يوجبان العزل بلا خلاف، وكذلك لا ينعزل بتمتمة

اللسان ونحوها لأن نبي الله موسى عليه السلام لم تمنعه عقدة لسانه من النبوة فأولى ألا يمنع الإمامة (٥).

هذا وقد سبقت الإشارة إلى أن من الفقهاء من لا يشترط هذه الأمور في الإمامة عند ابتداء العقد، ومن باب أولى بعد العقد كابن حزم وغيره لكنه رأي مرجوح ...

جـ- فقد بعض الأعضاء المخل فقدها بالعمل أو النهوض:

وذلك كذهاب اليدين أو الرجلين. فإذا طرأ على الإمام شيء من ذلك انعزل لعجزه عن كمال القيام بحقوق الأمة. أما ما يؤثر في بعض العمل دون بعض كذهاب إحدى اليدين أو إحدى الرجلين ففيه وجهان:

الأول: أنه لا يؤثر وإن كان ذلك يمنع عقد الإمامة ابتداء، لأن المعتبر في عقدها كمال السلامة، فيعتبر في الخروج منها كمال النقص، وهذا هو الراجح.

والثاني: يؤثر لنقص الحركة، فلو كان ذلك لا يؤثر فقده في عمل ولا نهوض كقطع الذكر أو الأنثيين، فهذا لا يمنع من الإمامة ولا من استدامتها، لأن ذلك مؤثر في التناسل فقط ... وقد استدلوا على ذلك بوصف الله ليحيى بن زكريا عليهما السلام وثنائه عليه فقال تعالى: وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ [آل عمران: ٣٩] وقد رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما (أنه لم يكن له ذكر يغشى به النساء ... ) (٦) قالوا: (فلما لم يمنع ذلك من النبوة، فأولى أن لا يمنع من الإمامة) (٧).

ونحو ذلك سمل إحدى العينين وجدع الأنف والأذن لأن ذلك لا تأثير له على الحقوق والله أعلم. الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة لعبدالله بن عمر الدميجي - ص ٤٦٨


(١) [١٣٤١٢])) الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص: ٢١)، و ((الأحكام السلطانية)) للماوردي (ص: ١٨).
(٢) [١٣٤١٣])) ((الأحكام السلطانية)) للماوردي (ص: ١٨).
(٣) [١٣٤١٤])) ((مآثر الإنافة)) (١/ ٦٨).
(٤) [١٣٤١٥])) ((الأحكام السلطانية)) (ص: ١٨).
(٥) [١٣٤١٦])) ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلى (ص: ٢١)، وانظر: ((مآثر الإنافة)) (١/ ٦٩).
(٦) [١٣٤١٧])) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٦٤٣) بلفظ: (الحصور: الذي لا يأتي النساء).
(٧) [١٣٤١٨])) ((الأحكام السلطانية)) لأبي يعلى (ص: ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>