وحينما يحل العذاب بقوم ظالمين فإن الله ينجي الذين ينهون عن السوء، كما قال تعالى: فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود: ١١٦ – ١١٧] وقال: فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ [الأعراف: ١٦٥].
ح- التشبه بالرسل والقيام بدعوتهم والسير في طريقهم.
ط- إلقاء هيبته في قلوب الخلق.
(٢) الفوائد والمصالح العائدة على المأمور والمنهي:
أ- رجاء الانتفاع والاستقامة، كما قال لنا الناصحون من بني إسرائيل لمن قال لهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ... مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ وقال تعالى: فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى [الأعلى: ٩] وقال: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات: ٥٥].
ب- تهيئة الأسباب لتحقيق النجاة الدنيوية والأخروية. قال أبو هريرة –رضي الله عنه في قوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: ١١٠]: ((خير الناس للناس يجاء بهم وفي أعناقهم السلاسل حتى يدخلهم في الإسلام)) (١) فإن المأمور والمنهي إذا انتفع واهتدى كان ذلك سبباً في تحصيله السعادة الدنيوية والأخروية، فينجو من عقاب الله ويحصل له الثواب.
(٣) الفوائد والمصالح العامة والتي لا تختص بطرف دون الآخر:
أ- إقامة الملة والشريعة وحفظ العقيدة والدين لتكون كلمة الله هي العليا، قال تعالى: وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ [البقرة: ٢٥١] وقال: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا [الحج: ٤٠] وقال تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ [البقرة: ١٩٣] وقال: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه [الأنفال: ٣٩].
هذا واعلم أن الإنسان لابد له من أمر ونهي ودعوة، فمن لم يأمر بالخير ويدعو إليه أمر بالشر .. بل لو أراد الإنسان أن لا يأمر ولا ينهى لا بخير ولا بشر، فإنه لابد له وأن يؤمر وينهى كما تقدم، .. فلمن لم يزحف بمبادئه زحف عليه بكل مبدأ وفكرة، والنفس تتلقى وتتشرب من المبادئ الأخرى والأخلاق، والطبع سراق، شعرت أم لم تشعر.
ولذلك أمر الإسلام بمجالسة الصالحين وأهل البر والمعروف والخير، ونهى عن مجالسة غيرهم، لأن النفس والطبع سراقان لما يريانه، وصاحبهما لا يشعر في كثير من الأحيان.
فإذا قام الناس بذلك المطلب العظيم تحققت حماية المجتمع المسلم من كل دخيل عليه، وإن ذلك يكون بمثابة قوة المناعة التي أودعها الله تعالى في البدن لتقاوم الأمراض والأسقام .. بالإضافة إلى أن الأمر بالمعروف يغذي الأمة أفراداً وجماعات بالمثل والقيم والأخلاق والعقائد السليمة .. فلا يحتاج أحد منهم إلى استيراد مبدأ أو خلق أجنبي على هذا الدين.
(١) رواه البخاري (٤٥٥٧).