للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغالباً ما يكون الأول –أعني المتهور- أكثر صدقاً من الثاني، لكنه لقلة علمه أو عقله وتجربته يتسرع فيوقع نفسه فيما هو في غنى عن الوقوع فيه.

أما الثاني فغالباً ما يكون سبب ضعفه إنما هو خوفه على نفسه أو منصبه، وهذا قد يوقعه في المداهنة كثيراً. والله المستعان.

ومما يدل على أن مجرد هيبة الناس لا تكفي في إسقاط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيباً فكان فيما قال: ((ألا لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه. قال: فبكى أبو سعيد وقال: قد والله رأينا فهبنا)) (١).

قال أبو المنذر إسماعيل بن عمر: سمعت أبا عبد الرحمن العمري الزاهد يقول: إن من غفلتك عن نفسك إعراضك عن الله، بأن ترى ما يسخطه فتجاوزه، ولا تأمر ولا تنهى خوفاً من المخلوق. من ترك الأمر بالمعروف خوف المخلوقين نزعت منه الهيبة، فلو أمر ولده لاستخف به (٢).

والحاصل أن هذه الأمور التي بها يسقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن المكلف باليد واللسان.

لكن إذا سقط عنه الوجوب فليس معنى ذلك أن ينتفي في حقه ويمنع منه بل قد يكون مستحباً .. كما أنه يكون محرماً أو مكروهاً في بعض الأحيان. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخالد بن عثمان السبت – ص٩٦


(١) رواه الترمذي (٢١٩١)، وابن ماجه (٣٢٥٣)، وأحمد (٣/ ٧١) (١١٦٩٦)، والحاكم (٤/ ٥٥١). قال الترمذي: حسن صحيح، وقال البغوي في ((شرح السنة)) (٧/ ٢٨٧)، وابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (١٦٩): حسن، وصححه أحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (١/ ٧١٦) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).
(٢) ((نزهة الفضلاء)) (٢/ ٦٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>