إن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دليل وبرهان على غيرة المسلم على دينه وعقيدته، وحبه وإخلاصه لهما .. وإنه لا يتصور انتفاء المراتب الثلاث (اليد واللسان والقلب) مجتمعة، من رجل في قلبه إيمان حي –كما تقدم- وهذا أمر يشترك فيه الحر والعبد .. فالعبد مكلف بأعمال القلوب كلها كالحر تماماً سواء بسواء، لا فرق بينهما في ذلك البتة .. كالحب والبغض والإنكار بالقلب ونحو ذلك من الأمور القلبية .. كما أنه مكلف أيضاً بأعمال البدن كالحر أيضاً إلا ما دل الدليل على إخراج الرقيق من المطالبة به.
هذا مع كونه لم يرد دليل على تقييد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأحرار دون الأرقاء. بل واقع الأمر على خلاف ذلك .. فإن ظاهر الآيات والأحاديث يدل على دخول الأرقاء في ذلك كقوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة: ٧١] وهذا يشمل الجميع كما هو ظاهر.
لكن إن أريد بالحسبة تلك الولاية المعروفة فإن اشتراط الحرية في محله وليس كلامنا في ذلك.
وإنما ذكرت هذا الشرط والذي قبله هنا لأن الكثير من أهل العلم الذين تكلموا عن الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتحدثون عنها –أي الحسبة- على أنها تلك الولاية العامة الشاملة لكثير من الجهات الحيوية في حياة الناس وأمور معاشهم فأردت التوضيح هنا لئلا يلتبس على من قرأ شيئاً من ذلك لمن ذكر مثل هذه الشروط. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخالد بن عثمان السبت – ص: ١٥٣