للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي (مسند الإمام أحمد) وغيره من حديث عن مسيب عن عمه. قال: بلغ رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة)) (١). فرحل إليه وهو بمصر فسأله عن الحديث. قال: نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة. فقال: وأنا قد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي (سنن ابن ماجه) وغيرها من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه الله بها في بيته)) (٢). الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعبد الرحمن بن أبي بكر بن داود– ص: ٤١٢

قال أبو زكريا النووي – رحمه الله – في شرح صحيح مسلم – عند قوله صلى الله عليه وسلم: ((ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة)) (٣)، وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس معروفاً بالأذى والفساد. وأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه، بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر، إن لم يخف من ذلك مفسدة, لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء, والفساد, وانتهاك المحرمات, وجسارة غيره على مثل فعله. وهذا كله في ستر معصية وقعت وانتقضت.

أما مسألة معصية يراه عليها وهو متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها عليه, ومنعه منها على من قدر على ذلك, ولا يحل تأخيرها. فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر، إذا لم تترتب على ذلك مفسدة – كما تقدم. ثم قال: وأما الرواة, والشهود, والأمناء على الصدقات, والأوقاف, والأيتام ونحوهم فيجب جرحهم عند الحاجة, ولا يحل الستر عليهم إذا رأى منهم ما يقدح في أهليتهم. وليس هذا من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة الواجبة. وهذا مجمع عليه. الكنز الأكبر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعبد الرحمن بن أبي بكر بن داود– ص: ٤١٨


(١) رواه أحمد (٥/ ٣٧٥) (٢٣٢٣٣). قال محمد الغزي في ((إتقان ما يحسن)) (٢/ ٥٩١): له شواهد، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (٢٣٤١): رجال إسناده موثوقون ثم ذكر له شواهد كثيرة.
(٢) رواه ابن ماجه (٢٠٧٩). قال البوصيري في ((زوائد ابن ماجه)) (٢/ ٦٤): إسناده فيه مقال .. وله شاهد، وقال الهيتمي في ((الزواجر)) (٢/ ١٢٦): إسناده حسن، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).
(٣) رواه البخاري (٢٤٤٢)، ومسلم (٢٥٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>