للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - الحكم المستفاد: يجب الإيمان بما أخبر الله به عن نفسه, وذلك بالاعتقاد الجازم بأن كل ما أخبر الله به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الصفات هي صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه، فهو سبحانه المستحق للكمال المُطلق من جميع الوجوه.

قال الإمام ابن القيم: (المثل الأعلى يتضمن ثبوت الصفات العليا لله سبحانه، ووجودها العلمي، والخبر عنها، وذكرها، وعبادة الرب سبحانه بها ... ) (١).

رابعاً: الواردة في القرآن والسنة

أي يجب الوقوف في أسماء الله وصفاته على ما جاءت به نصوص القرآن والسنة لا نزيد على ذلك ولا ننقص منه.

فلا نسمي أو نصف الله بما لم يسم أو يصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

وذلك لأنه لا طريق إلى معرفة أسماء الله وصفاته إلا من طريق واحد هو طريق الخبر – أي الكتاب والسنة -.

فلو قال شخص: لله سمع بلا أذنين.

وقال آخر: لله سمع بأذنين.

لحكمنا بخطأ الاثنين؛ لأنه لم يأت ذكر الأذنين في النصوص لا نفياً ولا إثباتاً، والحق هو أن يقال: لله سمع يليق بجلاله كما جاءت بذلك النصوص، وقد نهانا الله أن نتكلم بغير علم، فقال تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء: ٣٦] وبالتالي لا يجوز الإثبات أو النفي إلا بالنص.

قال الإمام أحمد (ت ٢٤١) رحمه الله: (لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه, أو ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم, لا نتجاوز القرآن والسنة) (٢).

وقال ابن عبد البر (ت ٤٦٣) رحمه الله: (ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصاً في كتاب الله، أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه) (٣).

خامساً: والإيمان بمعانيها وأحكامها

أي الإيمان بما تضمنته من المعاني, وبما ترتب عليها من مقتضيات وأحكام.

وهذا ما جاء الأمر به والحث عليه في القرآن والسنة.

فمن القرآن: قوله تعالى: وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف: ١٨٠]، والشاهد من الآية قوله: (فادعوه بها).

ووجه الاستشهاد: أن الله يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته، ويثنوا عليه بها، ويأخذوا بحظهم من عبوديتها، فالدعاء بها يتناول:

دعاء المسألة: كقولك: ربي ارزقني.

ودعاء الثناء: كقولك: سبحان الله.

ودعاء التعبد: كالركوع والسجود (٤).

ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحد، من أحصاها دخل الجنة)) متفق عليه.

الشاهد من الحديث: قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحصاها)).

ووجه الاستشهاد: أن معنى أحصاها: أي حفظها ألفاظاً، وفهم معانيها ومدلولاتها، وعمل بمقتضياتها وأحكامها.

فالعلم بأسماء الله وصفاته, واعتقاد تسمي الله واتصافه بها هو من العبادة, وإدراك القلب لمعانيها، وما تضمنته من الأحكام والمقتضيات، واستشعاره وتجاوبه لذلك بالقدر الذي يؤدي إلى سلامة تفكيره واستقامة سلوكه، هو عبادة أيضاً.

فأهل السنة يؤمنون بما دلت عليه أسماء الله وصفاته من المعاني، وبما يترتب عليها من مقتضيات وأحكام، بخلاف أهل الباطل الذين أنكروا ذلك وعطلوه.

فأهل السنة يؤمنون بأن كل اسم من أسماء الله يدل على معنى الذي نسميه (الصفة) , فلذلك كان لزاماً على من يؤمن بأسماء الله تعالى أن يراعي الأمور التالية:


(١) ((الصواعق المرسلة)) (٣/ ١٠٣٤) بتصرف.
(٢) ((الفتوى الحموية)) (ص: ٦١)، دار فجر التراث.
(٣) ((جامع بيان العلم وفضله)) (ص: ٩٦).
(٤) ((مدارج السالكين)) (١/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>