للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأماكن التي يسكنها الجن مواضع النجاسات فعن زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخبث والخبائث)) (١)، وذلك ليدفع شر الشياطين التي تكون في هذه الأماكن.

بالإضافة إلى هذا فقد ورد النهي عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في أعطان الإبل, والحمامات, وعلَّلَ النهي أنها مأوى الشياطين.

ويكثر وجودهم في الأسواق لفتنة الناس، وهم إبليس وذريته، ولذلك نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن المكث فيها، فقد قال موصياً سلمان رضي الله عنه: ((لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق, ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته)) (٢). وذلك لأن الأسواق فيها من أنواع الباطل كالغش, والخداع, والأيمان الكاذبة، والعقود الفاسدة، والنظر المحرم إلى العورات، وغير ذلك مما هو من تحريض إبليس وأعوانه ...

وهذه الصفات التي مرت – كما نلاحظ – صفات تشبه صفات الإنس من حيث الإجمال، ولكنها تختلف عن صفات الإنس في الأبعاد والكيفية، وذلك أنهم عالم مخلوق من النار، وللنار صفات تتميز بها عن الطين الذي خلق منه الإنسان.

ونلاحظ مما تقدم أن هذا العالم يشارك الإنسان في كثير من الصفات كالأكل, والشرب, والتناسل، بالإضافة إلى أنهم مكلفون بالتكاليف الشرعية، التي يستحقون الثواب بسبب قيامهم بها، والعقاب إذا قصروا فيها، تماماً كما هو الشأن في الإنسان .. عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة لعبد الكريم عبيدات - بتصرف –ص: ٥٤


(١) رواه أبو داود (٦)، وابن ماجه (٢٤٤)، وأحمد (٤/ ٣٦٩) (١٩٣٠٥)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (٦/ ٢٣) (٩٩٠٣)، وأبو يعلى (١٣/ ١٨٠) (٧٢١٨)، وابن خزيمة (١/ ٣٨) (٦٩)، وابن حبان (٤/ ٢٥٢) (١٤٠٦)، والطبراني (٥/ ٢٠٥) (٥١٠٠)، والحاكم (١/ ٢٩٨). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الحاكم: من شرط الصحيح ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (٥/ ٤٣٢): اختلف في إسناده، والذي أسنده ثقة.
(٢) رواه مسلم (٢٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>