للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ونقل عن الخليفة عمر بن عبد العزيز أنهم يكونون في ربض الجنة، وذكره الألوسي عن الإمام مالك وطائفة من العلماء (١). وقال ابن تيمية: (وروي في حديث رواه الطبراني: أنهم يكونون في ربض الجنة، يراهم الإنس من حيث لا يرونهم) (٢). وذكر ابن القيم أن سهل بن عبد الله قال: بأنهم يكونون في ربض الجنة، يراهم المؤمنون من حيث لا يرونهم (٣).

- وقال جماعة: أنهم على الأعراف بين الجنة والنار، ذكره الألوسي (٤) ومقتضى هذا القول أنهم يدخلون الجنة فيما بعد، إذ أن هذا هو نهاية أصحاب الأعراف.

- وفي رواية ذكرها ابن نجيم عن الضحاك أنهم يلهمون التسبيح والذكر، فيصيبون من لذته ما يصيبه بنو آدم من نعيم الجنة (٥). ولكن ذكر النووي في شرحه لصحيح مسلم أن الضحاك قال بأن الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون (٦). وهو ما نقله الفخر الرازي عنه إذ يقول: (قال الضحاك: يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون، والدليل على صحة هذا القول: أن كل دليل دل على أن البشر يستحقون الثواب على الطاعة فهو بعينه قائم في حق الجن) (٧) وعقب الفخر الرازي على ذلك بقوله: (والفرق بين البابين بعيد) (٨) أي ثواب الإنس وثواب الجن. وقال القرطبي: (واختلفوا في دخول مؤمني الجن الجنة على حسب الاختلاف في أصلهم، فمن زعم أنهم من الجان لا من ذرية إبليس قال: يدخلون الجنة بإيمانهم، ومن قال: إنهم من ذرية إبليس فلهم فيه قولان: أحدهما: وهو قول الحسن: يدخلونها. الثاني: وهو رواية مجاهد: لا يدخلونها وإن صرفوا عن النار، حكاه الماوردي) (٩).

القول الراجح مما تقدم:

والراجح – والله أعلم – أن الجن يثابون على أعمالهم, ويدخلون الجنة, ويصيبون من نعيمها، وذلك لأن ظواهر الآيات الواردة في جزاء الجن في الآخرة تقتضي ذلك. لأنها جاءت عامة في استحقاق المحسنين لجزاء أعمالهم، ولم يرد دليل يخصصها، فتبقى على عمومها، وهو مذهب أكثر الفقهاء.


(١) ((تفسير روح المعاني)) (٢٧/ ١٢٠)، ((الأشباه والنظائر)) (٢/ ٣٣٠).
(٢) ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (٤/ ٢٣٣). ولم أقف على حديث الطبراني هذا.
(٣) ((طريق الهجرتين وباب السعادتين)) (ص: ٤١٨).
(٤) ((تفسير روح المعاني)) (٢٧/ ١٢٠).
(٥) ((الأشباه والنظائر)) (٢/ ٣٣٠).
(٦) ((صحيح مسلم بشرح النووي)) (٤/ ١٦٩).
(٧) ((التفسير الكبير)) (٢٨/ ٣٣).
(٨) ((التفسير الكبير)) (٢٨/ ٣٣).
(٩) ((تفسير الماوردي)) (٦/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>