للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما يدعيه هؤلاء الدجالون من تحضير الأرواح إنما هي أرواح شياطين يخدمها بعبادتها وتحقيق مطالبها، وتخدمه بما يطلب منها كذباً وزوراً في انتحالها أسماء من يدعونه من الأموات، كما قال الله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ [الأنعام:١١٢ - ١١٣]، وقال تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الأنعام:١٢٨]، وذكر علماء التفسير أن استمتاع الجن بالإنس بعبادتهم إياهم بالذبائح والنذور والدعاء، وأن استمتاع الإنس بالجن قضاء حوائجهم التي يطلبونها منهم، وإخبارهم ببعض المغيبات التي يطلع عليها الجن في بعض الجهات النائية، أو يسترقونها من السمع، أو يكذبونه وهو الأكثر، ولو فرضنا أن هؤلاء الإنس لا يتقربون إلى الأرواح التي يستحضرونها بشيء من العبادة فإن ذلك لا يوجب حل ذلك وإباحته؛ لأن سؤال الشياطين والعرافين والكهنة والمنجمين ممنوع شرعاً، وتصديقهم فما يخبرون به أعظم تحريماً وأكبر إثماً بل هو من شعب الكفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) (١)، وفي مسند أحمد والسنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)) (٢).


(١) [١٤٨٣٢])) رواه مسلم (٢٢٣٠).
(٢) [١٤٨٣٣])) رواه أبو داود (٣٩٠٤) , وزاد (أو أتى امرأتا حائضا أو أتى امرأتا في دبرها فقد برئ) بدلا من (فقد كفر) والترمذي (١٣٥) , وابن ماجه (٦٣٩) , والنسائي في ((السنن الكبرى)) (٥/ ٣٢٣) (٩٠١٧) بلفظ ((من أتى حائضا أو امرأة في دبرها) بدون (عرافا) , ورواه الحاكم (١/ ٤٩) , قال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة, وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرطهما جميعا من حديث ابن سيرين ولم يخرجاه, ووافقه الذهبي, وقال البيهقي في ((السنن الكبرى)) (٧/ ١٩٨): له متابعة, وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (١٠/ ٢٢٧): له شاهد [وروي] بإسنادين جيدين ولفظهما (من أتى كاهنا) , وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)) و ((صحيح ابن ماجه)). وفي رواية: لأبي داود (٣٩٠٤) وأحمد (٢/ ٤٠٨) (٩٢٧٩) , والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (٧/ ١٩٨) , من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول .... فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم). والحديث سكت عنه أبو داود, وقال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (٣/ ١٧): لا يتابع عليه (حكيم الأثرم) ولا يعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة, وقال البيهقي في ((السنن الكبرى)) (٧/ ١٩٨): له متابعة, وصححه الألباني في ((صحيح أبي داود)).

<<  <  ج: ص:  >  >>