وما قام به علماء أهل السنة من نصرة لدين الله يعتبر علماً من أعلام نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمته بخبر يفرح له كل من كان متابعاً لسنته وسائراً على هديه صلى الله عليه وسلم، وهو قوله:((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين حتى يأتي أمر الله)) (١).
ولنا عبرة عظيمة وعظة بليغة في سيرة سلفنا الصالح ومنهجهم النبوي القويم في الدعوة إلى الله وإبلاغه إلى الناس، وفيما يلي بعض العبر والعظات:
الأولى:
يجب على من أنعم الله عليهم باقتفاء أثر السلف الصالح، والسير على منهج النبوة، ونور الله أفهامهم وبصائرهم، ورزقهم العلم النافع المستقى من مشكاة النبوة ومن النبع الصافي أن يسعوا في إصلاح ذات بين المسلمين الذين مزقتهم الفرق الضالة المبتدعة، ومزقت صفوفهم الحزبيات الضيقة والانتماءات الطائفية.
الثانية:
إن من أوجب الواجبات على العلماء وطلبة العلم في وقتنا هذا وفي كل وقت الدعوة إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة وإظهار دين الله عز وجل، وتبصير المسلمين بدينهم، وحثهم على العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحذيرهم من البدع والانحرافات والضلالات، وإزالة الشبهات التي زرعها أولئك المبتدعة الضالون بين أفراد المسلمين ومجتمعاتهم، وفي ذلك اقتفاء للأثر وائتساء بمن مضى من خير البشر.
الثالثة:
يجب على العلماء وطلبة العلم إخلاص دعوتهم لله ومن مقتضيات ذلك ولوازمه أن لا يحزبوا الناس حولهم، بل يكون ربطهم للناس بالكتاب والسنة والعقيدة الصحيحة والمنهج السليم، ويكون تعبيد الناس لله رب العالمين.
ولا ينبغي ولا يجوز بحال أن تكون الدعوة إلى حزب أو طائفة أو شيخ معين، فلا معبود بحق إلا الله، ولا متبوع إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ولا انتماء إلا إلى الإسلام، ولا سبيل إلا السنة، ولا منهج إلا منهج أهل السنة والجماعة.
الرابعة:
ليثبت كل من كان على الطريق الصحيح والمنهج القويم على ما هو عليه متكلاً على الله، مخلصاً له الدين، مرتقياً في درجات الكمال والتقى فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. وجوب لزوم الجماعة وترك التفرق لجمال أحمد بادي- ص: ١٩
(١) رواه البخاري (٧٣١١)، ومسلم (١٩٢١). من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.