للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الوليد بن مسلم: (سألت الأوزاعي ومالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية وغير ذلك، فقالوا: أمضها بلا كيف) (١) وفي رواية أنه سألهم ( ... عن الأحاديث التي فيها الصفات فكلهم قال: أمروها كما جاءت بلا تفسير) (٢). وقال أبو عبيد القاسم بن سلام (هذه الأحاديث صحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض وهي عندنا حق لا نشك فيه ... ) وقال الإمام أحمد: (ولا تفسر هذه الأحاديث إلا مثل ما جاءت ولا نردها ... ) (٣) وقال الإمام أبو عمر بن عبد البر (ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى أتباع ما أنزل إلينا من ربنا تعالى إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله عز وجل إلى الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم. ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات، وجل الله أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب من معهود مخاطباتها مما يصح معناه عند السامعين. والاستواء معلوم في اللغة مفهوم، وهو العلو والارتفاع على شيء .. إلخ) اهـ (٤).

وأقوال الأئمة كثيرة في هذا الباب يصعب حصرها، وفيما ذكر الكفاية وبالله التوفيق.

فهذا الذي تقدم يدل دلالة قاطعة على أن ما جاء في نصوص الصفات حق على ظاهره المراد شرعاً، فيجب إثباتها بلا تمثيل، وتنزيه الله عن مشابهة خلقه فيها بلا تعطيل، ذلك أن ذكرها في القرآن بلا قرينة تصرفها عن ظاهرها ثم تأكيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في سنته قولاً وإقراراً بذكرها كما وردت في القرآن، بل يذكر صفات أخرى لم ترد فيه وهو الذي قال الله فيه: وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم: ٣ - ٤] يدل دلالة قاطعة أن نصوص الصفات يجب إجراؤها على ظاهرها، إذ المأمور ببيان الدين لم يصرف عن ظاهرها – وهذا أمر بين. منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد عبد اللطيف– بتصرف - ٢/ ٤٥٤


(١) أخرجه الدارقطني في ((الصفات)) (ص: ٧٥) (رقم: ٦٧) وانظر ((مختصر العلو)) (ص: ١٤٣) (رقم: ١١٦).
(٢) أخرجه الآجري في ((الشريعة)) (ص: ٣١٤) ورواها الخلال كما في ((سير أعلام النبلاء)) (٨/ ١٦٢).
(٣) ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) (١/ ١٦٤).
(٤) ((التمهيد)) لابن عبد البر (٧/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>