للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يد كيد, أو مثل يد، أو سمع كسمع, أو مثل سمع. فإذا قال: سمع كسمع, أو مثل سمع فهذا تشبيه، وأما إذا قال كما قال الله يد, وسمع, وبصر, ولا يقول: (كيف) ولا يقول: مثل سمع ولا كسمع, فهذا لا يكون تشبيهاً وهو كما قال الله تبارك في كتابه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى: ١١] (١).

وهذا ما ذهب إليه أبو الحسن على بن إسماعيل الأشعري الذي رجع إلى مذهب أهل السنة والجماعة, وترك ما كان عليه من علم الكلام المبتدع المخالف لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم (٢).

قال رحمه الله في كتابه (اختلاف المصلين ومقالات المسلمين) بعد أن ذكر فرق الخوارج والروافض والجهمية وغيرهم:

(ذكر مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث).

جملة قولهم: الإقرار بالله, وملائكته, وكتبه. ورسله, وبما جاء عن الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يردون من ذلك شيئاً.

وأن الله على عرشه كما قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى , وأن له يدين بلا (كيف) كما قال: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ.

وأن أسماء الله لا يقال إنها غير الله كما قالت المعتزلة والخوارج.

وأقروا أن لله علماً كما قال: أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ.

وأثبتوا السمع, والبصر، ولم ينفوا ذلك عن الله كما نفته المعتزلة.

إلى آخر كلامه في إثبات الصفات (٣).

وهذه العقيدة هي التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين، وهي التي تلقاها التابعون منهم، وتواصوا بها جيلاً بعد جيل، محذرين بعضهم البعض من مخالفتها والشطط عنها.

ودان بهذه العقيدة أئمة السلف الماضين من المحدثين, والفقهاء, والمفسرين, واللغويين, والمصنفين.

كيف لا، والله قد زكى اعتقاد نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين بقوله جل ثناؤه: فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ [البقرة: ١٣٧ - ١٣٨].

فمذهب أهل الحق ... إثبات الأسماء الحسنى والواردة بالكتاب العزيز, وبالسنة المطهرة, والإيمان بها، وبما دلت عليه من المعاني, والإيمان بما تعلقت بها من الآثار.

فمثلا نؤمن بأن الله سبحانه (رحيم) ومعناه: أنه ذو رحمة، ومن أثار هذا الاسم: أنه يرحم من يشاء.

مثال ثان: نؤمن بأن الله (قدير) ومعناه: أنه ذو قدرة, ومن آثار هذا الاسم: أنه على كل شيء قدير، وهذا القول في جميع الأسماء. النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود - ص ١٩


(١) ((سنن الترمذي)) (٣/ ٥٠).
(٢) انظر: ((تبيين كذب المفتري)) لابن عساكر (ص: ٣٨)، ((وفيات الأعيان)) لابن خلكان (٣/ ٢٨٥)، ((البداية والنهاية)) لابن كثير (١١/ ٢١٢)، ((العلو للعلي الغفار)) للذهبي (ص: ٢٢١)،
(٣) ((انظر مقالات الإسلاميين)) من ص (٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>