للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن حجر: (وفي كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وكسرى وغيرهما من الملوك يدعوهم إلى التوحيد، إلى غير ذلك من الأخبار المتواترة التواتر المعنوي الدال على أنه صلى الله عليه وسلم لم يزد في دعائه المشركين على أن يؤمنوا بالله وحده ويصدقوه فيما جاء به عنه، فمن فعل ذلك قبل منه سواء كان إذعانه عن تقدم نظر أم لا، ومن توقف منهم نبهه حينئذ على النظر، أو أقام عليه الحجة إلى أن يذعن أو يستمر على عناده) (١).

مظاهر الفطرية:

ومن مظاهر فطرية العقيدة عند أهل السنة خاصة أنها جاءت سهلة واضحة، لا عسر فيها ولا تعقيد، ووردت النصوص وأقوال السلف وأهل السنة بالنهي عن الغلو والتشدد في أمر الدين أصولا وفروعا، وعن التكلف في طلب علم ما حجب علمه.

قال تعالى: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: ١٨٥]

وقال سبحانه: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: ٧٨]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة)) (٢).

وترجم البخاري رحمه الله: (باب الدين يسر، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة)) (٣).

قال ابن حجر رحمه الله: (قوله: باب الدين يسر، أي أن دين الإسلام ذو يسر، أو سمي الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله؛ لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم، ومن أوضح الأمثلة له أن توبتهم كانت بقتل أنفسهم. وتوبة هذه الأمة بالإقلاع والعزم والندم. قوله: ((أحب الدين)) أي خصال الدين؛ لأن خصال الدين كلها محبوبة لكن ما كان منها سمحا أي سهلا فهو أحب إلى الله ... أو الدين جنس أي أحب الأديان إلى الله الحنيفية والمراد بالأديان الشرائع الماضية قبل أن تبدل وتنسخ، والحنيفية ملة إبراهيم .. والسمحة السهلة، أي أنها مبنية على السهولة) (٤). علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة لمحمد يسري- بتصرف- ٢٩٧


(١) ((فتح الباري لابن حجر)) (١٣/ ٣٥٣).
(٢) ((رواه البخاري)) (٣٩).
(٣) ((صحيح البخاري كتاب الإيمان)) (١/ ٢٣).
(٤) ((فتح الباري لابن حجر)) (١/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>