للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام أحمد كما في (مجموع الفتاوى) لشيخ الإسلام ابن تيمية: وهو الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش، وهو الذي كَلَّم موسى تكليماً، وتَجَلَّى للجبل فجعله دكاً، ولا يماثله شيءٌ من الأشياء في شيءٍ من صفاته، فليس كَعِلمه علمُ أحدٍ، ولا كقدرته قدرةُ أحدٍ، ولا كرحمته رحمةُ أحدٍ، ولا كاستوائه استواء أحدٍ، ولا كسمعه وبصره سمع أحدٍ ولا بصره، ولا كتكليمه تكليم أحدٍ، ولا كَتَجَلِّيِهِ تَجَلِّي أحدٍ (١) قال ابن عبدالبر: وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَنْزِل ربُّنَا إلى السماء الدنيا)) عندهم مثل قول الله عزَّ وجلَّ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ومثل قوله: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفَّاً صَفَّاً [الفجر:٢٢] كلهم يقول يَنْزِل ويَتَجَلَّى ويجيء، بلا كيف، لا يقولون: كيف يجيء وكيف يَتَجَلَّى وكيف يَنْزِل، ولا من أين جاء ولا من أين تَجَلَّى ولا من أين يَنْزِل، لأنه ليس كشيءٍ من خلقه، وتعالى عن الأشياء، ولا شريك له، وفي قول الله عزَّ وجلَّ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ دلالةٌ واضحةٌ أنه لم يكن قبل ذلك متجلِّيَاً للجبل وفي ذلك ما يفسر معنى حديث التَنْزيل ومن أراد أن يقف على أقاويل العلماء في قوله عزَّ وجلَّ: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ فلينظر في تفسير بقيُّ بن مخلد ومحمد بن جرير وليقف على ما ذكرا من ذاك ففيما ذكرا منه كفاية وبالله العصمة والتوفيق (٢) وقال شيخ الإسلام: وطريقة الرسل هي ما جاء بها القرآن والله تعالى في القرآن يثبت الصفات على وجه التفصيل وينفي عنه - على طريق الإجمال - التشبيه والتمثيل فهو في القرآن يخبر أنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه عزيز حكيم غفور رحيم وأنه سميع بصير وأنه غفور ودود وأنه تعالى - على عظم ذاته - يحب المؤمنين ويرضى عنهم ويغضب على الكفار ويسخط عليهم وأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش وأنه كلم موسى تكليما وأنه تَجَلَّى للجبل فجعله دكاً ; وأمثال ذلك (٣) وقال في (مجموع الفتاوى): ثبت في الأحاديث الصحيحة: أنه إذا تَجَلَّى لهم يوم القيامة سجد له المؤمنون، ومن كان يسجد في الدنيا رياءً يصيُر ظهرُه مثل الطبق (٤) وقال الحكمي: وقوله فتنظرون إليه وينظر إليكم فيه إثبات صفة التَجَلِّي لله عزَّ وجلَّ وإثبات النظر له واثبات رؤيته في الآخرة ونظر المؤمنين إليه أهـ (٥) قال ابن منظور في (لسان العرب): قال الزجاج: تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ أي: ظهر وبان قال: وهذا قول أهل السنة والجماعة وقال الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتاب (العين): قال الله عزَّ وجلَّ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ أي ظهر وبان. صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف - ص٧٨


(١) (٥/ ٢٥٧).
(٢) ((التمهيد)) (٧/ ١٥٣).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٣٧).
(٤) (٢٣/ ٧٦).
(٥) ((معارج القبول)) (٢/ ٧٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>