للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: أَفَعَيِينَا بِالخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [ق: ١٥].

ثم إنه عز وجل ما زال يخلق خلقاً، ويرتب الثاني على الأول وهكذا؛ فما زال الإنسان والحيوان منذ خلقه الله يترتب خلقه على خلق أبيه وأمه.

٥ - وإن أريد بالتسلسل: التسلسل بالمؤثرين، أي بأن يؤثر الشيء بالشيء إلى ما لا نهاية، وأن يكون مؤثرون كل واحد منهم استفاد تأثيره مما قبله لا إلى غاية – فذلك تسلسل ممتنع شرعاً وعقلاً؛ لاستحالة وقوعه؛ فالله عز وجل خالق كل شيء، وإليه المنتهى؛ فهو الأول فليس قبله شيء، وهو الآخر فليس بعده شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء.

والقول بالتسلسل في المؤثرين يؤدي إلى خلو المحدث والمخلوق من محدث وخالق، وينتهي بإنكار الخالق جل وعلا.

خلاصة القول في مسألة التسلسل عموماً:

- أن التسلسل هو ترتيب أمور غير متناهية، وأنه سمي بذلك أخذاً من السلسلة.

- وأن التسلسل من الألفاظ المجملة التي لابد فيها من الاستفصال كما مر.

- وأنه إن أريد بالتسلسل: دوام أفعال الرب ومفعولاته، وأنه متصف بصفات الكمال أزلاً وأبداً فذلك حق صحيح، يدل عليه الشرع والعقل.

- وأنه إن أريد بالتسلسل: أنه عز وجل كان معطلاً عن أفعاله، وصفاته، ثم فعل، واتصف فحصل له الكمال بعد أن لم يكن متصفاً به، أو أريد بالتسلسل: التسلسل في المؤثرين فذلك معنى باطل مردود بالشرع والعقل (١). رسائل في العقيدة لمحمد بن إبراهيم الحمد– ص: ٢٣٨


(١) انظر تفصيل الحديث عن التسلسل في ((شرح العقيدة الطحاوية)) (ص: ١٣٠ - ١٣٥)، و ((توضيح المقاصد وتصحيح القواعد شرح النونية)) للشيخ أحمد بن عيسى (١/ ٣٧٠)، و ((القواعد الكلية للأسماء والصفات عند السلف)) د. إبراهيم البريكان (ص: ٢٠٨ - ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>