للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أنكرت الرسل على أقوامها صفة التجبر والتكبر في الأرض بغير الحق كما قال تعالى عن هود صلى الله عليه وسلم أنه قال لقومه وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ إلى أن قال إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الشعراء: ١٣٠ - ١٣٥]. ولكنهم عاندوا واتبعوا أمر جبابرتهم فهلكوا أجمعين. قال تعالى وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ [هود: ٥٩].

وقد كان التجبر سببا للطبع على قلوبهم فلم تعرف معروفاً ولم تنكر منكراً كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ [غافر: ٣٥].

وقد توعد الله سبحانه الجبابرة بالعذاب والنكال، توعدهم بجهنم وبئس المهاد. قال تعالى وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [إبراهيم: ١٥ - ١٧].

وقال صلى الله عليه وسلم: ((يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين)) (١).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين ... )) (٢).

٥) الأرض كلها خبزة بيد الجبار سبحانه وتعالى يوم القيامة:

عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة ... )) (٣).

٦) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بين السجدتين فيقول: ((اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني واهدني وعافني وارزقني)) (٤).

فكان يدعو بما دل عليه اسم الجبار جل وعلا.

قال ابن الأثير: وأجبرني أي أغنني، من جبر الله مصيبته: أي رد عليه ما ذهب منه وعوضه، وأصله من جبر الكسر (٥).

وكان يعظم ربه أيضاً بهذا الاسم في الصلاة في الركوع والسجود كما جاء في حديث عوف بن مالك الأشجعي أنه كان يقول في ركوعه: ((سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)) (٦)، وفي سجوده مثل ذلك. النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود– ص: ١٣٣


(١) رواه الترمذي (٢٥٧٤)، وأحمد (٢/ ٣٣٦) (٨٤١١)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (٥/ ١٩٠). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (١٦/ ١٨٤).
(٢) رواه البخاري (٤٨٥٠)، ومسلم (٢٨٤٦). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) رواه البخاري (٦٥٢٠)، ومسلم (٢٧٩٢).
(٤) رواه أحمد (١/ ٣٧١) (٣٥١٤)، والطبراني (١٢/ ٢٠) (١٢٣٧٨)، والبيهقي (٢/ ١٢٢) (٢٨٥٧). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (٥/ ١٧٢).
(٥) ((النهاية)) (١/ ٢٣٦).
(٦) رواه أبو داود (٨٧٣)، والنسائي (٢/ ١٩١)، وأحمد (٦/ ٢٤) (٢٤٠٢٦). والحديث سكت عنه أبو داود، وصححه النووي في ((المجموع)) (٤/ ٦٧)، وحسنه ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (٢/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>