للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ [يونس: ١١].

وقال وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الحِسَابِ [ص: ١٦].

وقال عن كفار مكة وَإِذْ قَالُوا اللهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الأنفال: ٣٢].

وأمثال ذلك مما وقع من المسرفين السفهاء.

تنبيه: تأخير العذاب عن الكفار إنما هو في الدنيا فقط، وأما في الآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون.

قال الأقليشي: أما تأخير العقوبة في الدنيا عن الكفرة والفجرة من أهل العصيان، فمشاهد بالعيان، لأنا نراهم يكفرون ويعصون، وهم معافون في نعم الله يتقلبون.

وأما رفع العقوبة في الأخرى، فلا يكون مرفوعاً إلا عن بعض من استوجبها من عصاة الموحدين.

وأما الكفار فلا مدخل لهم في هذا القسم، ولا لهم في الآخرة حظ من هذا الاسم، وهذا معروف بقواطع الآثار، ومجمع عليه عند أولى الاستبصار اهـ (١).

٤ - يجوز إطلاق صفة الحلم على الخلق، فقد وصف الله عز وجل أنبياءه بذلك، قال عز من قائل إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ [التوبة: ٩].

وقال إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ [هود: ٧٥]. وقال حكاية عن قوم شعيب عليه السلام إِنَّكَ لأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ [هود: ٨٧] وقال فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ [الصافات: ٥٩] يعني بذلك إسحاق عليه السلام.

والحلم من الخصال العظيمة التي يريد الله من عباده أن يتخلقوا بها، وهي خصلة يحبها الله ورسوله كما مر آنفا في حديث أشج عبد القيس.

قال القرطبي رحمه الله: فمن الواجب على من عرف أن ربه حليم على من عصاه، أن يحلم هو على من خالف أمره، فذاك به أولى حتى يكون حليماً فينال من هذا الوصف بمقدار ما يكسر سورة غضبه ويرفع الانتقام عن من أساء إليه، بل يتعود الصفح حتى يعود الحلم له سجية.

وكما تحب أن يحلم عنك مالك، فاحلم أنت عمن تملك لأنك متعبد بالحلم مثاب عليه قال الله تعالى وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى: ٤٠]، وقال وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ [الشورى: ٤٣] اهـ (٢). النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود– ص: ٢٥٨


(١) ((الكتاب الأسنى))
(٢) ((الكتاب الأسنى))

<<  <  ج: ص:  >  >>