للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - ومنها: أن صفات الله الخبرية كـ (الوجه، واليدين، والأصابع، والأنامل، والقدمين، والساق، وغيرها) تكون كالاختبار الصعب للعباد، فمن آمن بها وصدق بها على وجه يليق بذات الله عَزَّ وجَلَّ بلا تمثيل ولا تحريف ولا تكييف، وقال: كلُّ من عند ربنا، ولا فرق بين إثبات صفة العلم والحياة والقدرة وبين هذه الصفات، مَن هذا إيمانه ومعتقده؛ فقد فاز فوزاً عظيماً، ومن قدَّم عقله السقيم على النقل الصحيح، وأوَّل هذه الصفات، وجعلها من المجاز، وحرَّف فيها، وعطَّلها؛ فقد خسر خسراناً مبيناً، إذ فرَّق بين صفة وصفة، وكذَّب الله فيما وصف به نفسه، وكذَّب رسوله صلى الله عليه وسلم، فلو لم يكن من ثمرة الإيمان بهذه الصفات إلا أن تُدخل صاحبها في زمرة المؤمنين الموحِّدين؛ لكفى بها ثمرة، ولو لم يكن من ثمراتها إلا أنها تميِّز المؤمن الحق الموحِّد المصدِّق لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبين ذاك الذي تجرَّأ عليهما، وحرَّف نصوصهما، واستدرك عليهما؛ لكفى، فكيف إذا علمت أن هناك ثمراتٍ أخرى عظيمةً للإيمان بهذه الصفات الخبرية؛ منها أنك إذا آمنت أن لله وجهاً يليق بجلاله وعظمته، وأن النظر إليه من أعظم ما ينعم الله على عبده يوم القيامة، وقد وعد به عباده الصالحين؛ سألت الله النظر إلى وجهه الكريم، فأعطاكه، وأنك إذا آمنت أن لله يداً ملأى لا يغيضها نفقة، وأن الخير بين يديه سبحانه؛ سألته مما بين يديه، وإذا علمت أن قلبك بين إصبعين من أصابع الرحمن؛ سألت الله أن يثبت قلبك على دينه٠٠٠ وهكذا.

١٤ - ومن ثمرات الإيمان بصفات الله عَزَّ وجَلَّ: تَنْزِيه الله وتقديسه عن النقائص، ووصفه بصفات الكمال، فمن علم أن من صفاته (القُدُّوس، السُّبُّوح)؛ نَزَّه الله من كلِّ عيبٍ ونقصٍ، وعلم أن الله) لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء (

١٥ - ومنها: أن من علم أن من صفات الله (الحياة، والبقاء)؛ علم أنه يعبد إلهاً لا يموت، ولا تأخذه سنة ولا نوم، فأورثه ذلك محبة وتعظيماً وإجلالاً لهذا الرب الذي هذه صفته.

١٦ - ومن ثمرات الإيمان بصفة (العلو، والفوقية، والاستواء على العرش، والنُّزُول، والقُرب، والدُّنُو)؛ أن العبد يعلم أن الله منزه عن الحلول بالمخلوقات، وأنه فوق كل شيء، مطَّلع على كل شيء، بائن عن خلقه، مستو على عرشه، وهو قريب من عبده بعلمه، فإذا احتاج العبد إلى ربه؛ وجده قريباً منه، فيدعوه، فيستجيب دعاءه، وينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الآخر من الليل كما يليق به سبحانه، فيقول: من يدعوني فأستجب له، فيورث ذلك حرصاً عند العبد بتفقد هذه الأوقات التي يخلو فيها مع ربه القريب منه، فهو سبحانه قريب في علوه، بعيد في دنوه.

١٧ - ومنها أن الإيمان بصفة (الكلام) وأن القرآن كلام الله يجعل العبد يستشعر وهو يقرأ القرآن أنه يقرأ كلام الله، فإذا قرأ: يا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ؛ أحسَّ أن الله يكلمه ويتحدث إليه، فيطير قلبه وجلاً، وأنه إذا آمن بهذه الصفة، وقرأ في الحديث الصحيح أن الله سيكلمه يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان؛ استحى أن يعصي الله في الدنيا، وأعد لذلك الحساب والسؤال جواباً.

وهكذا؛ فما من صفة لله تعالى؛ إلا وللإيمان بها ثمرات عظيمة، وآثار كبيرة مترتبة على ذلك الإيمان؛ فما أعظم نعم الله على أهل السنة والجماعة الذين آمنوا بكل ذلك على الوجه الذي يليق بالله تعالى!. صفات الله الواردة في الكتاب والسنة لعلوي بن عبد القادر السقاف – ص ٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>