للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن دعا غائباً أو دعا ميتاً وهو بعيد عن قبره، وهو يعتقد أن هذا المدعو يسمع كلامه, أو يعلم بحاله فقد وقع في الشرك الأكبر، سواء أكان هذا المدعو نبياً أو ولياً، أم عبداً صالحاً أم غيرهم، وسواء طلب من هذا المدعو ما لا يقدر عليه إلا الله أم طلب منه أن يدعو الله تعالى له، ويشفع له عنده (١)، فهذا كله شرك بالله تعالى مخرج من الملة؛ لما فيه من دعاء غير الله، ولما فيه من اعتقاد أن المخلوق يعلم الغيب، ولما فيه من اعتقاد إحاطة سمعه بالأصوات، وهذا كله من صفات الله تعالى التي اختص بها، فاعتقاد وجودها في غيره شرك مخرج من الملة (٢).

د- أن يجعل بينه وبين الله تعالى واسطة في الدعاء، ويعتقد أن الله تعالى لا يجيب دعاء من دعاه مباشرة، بل لابد من واسطة بين الخلق وبين الله في الدعاء، فهذه شفاعة شركية مخرجة من الملة (٣).


(١) وقريب من هذا من جاء إلى القبر وطلب من صاحبه أن يدعو الله له فهذا عمل محرم، وهو بدعة باتفاق السلف. ينظر: ((قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام ... )) (ص: ١١١ - ١٣٦)، ((مجموع الفتاوى)) (١/ ٣٣٠، ٣٥١، ٣٥٤ و٢٧/ ٧٦) ((قاعدة في المحبة)) (ص: ١٩٠ - ١٩٢)، ((رسالة زيارة القبور)) لابن تيمية (ص: ٢٥، ٤٩، ٥٠)، ((تلخيص الاستغاثة)) (ص: ٥٧)، ((الرد على الأخنائي)) (ص: ١٦٤، ١٦٥، ٢١٦)، ((صيانة الإنسان)) (ص: ٣٦٠)، ((القول الجلي)) (ص: ٥٦)، ((تعليق شيخنا عبد العزيز بن باز على الفتح كتاب الاستسقاء)) (٢/ ٤٩٥)، ((تصحيح الدعاء)) (ص: ٢٥١). وقد نص جمع من أهل العلم على أن هذا العمل شرك أكبر. ((ينظر مدارج السالكين)) (١/ ٣٦٩)، ((إغاثة اللهفان)): ((الفرق بين زيارة الموحدين ... )) (١/ ٢١٨ - ٢٢٢)، ((تطهير الاعتقاد)) (ص: ١٥)، ((الدين الخالص)) (١/ ١٩١، ٢١٣، ٢٢٦، ٢٢٧، ٢٣٨، ٤١٣، و٢/ ٥٧)، ((الدرر السنية)) (١/ ٨٥، ٢٢٤ و٢/ ٢٣٨، ٢٣٩)، ((تيسير العزيز الحميد وفتح المجيد باب من الشرك الاستعاذة بغير الله وباب الشفاعة))، ((الكواكب الدرية)) للرباطي الحنفي (ص: ٧٧ - ١٠٨)، و ((التبيان)) للرستمي الحنفي (ص: ١٥٥ - ١٦١)، و ((الوسيلة)) لجوهر الباكستاني الحنفي (ص: ٤٢ - ٦٧) نقلاً عن كتاب ((جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية)) للدكتور شمس الدين الأفغاني (٣/ ١٤٧٢ - ١٤٧٤)، ويراجع ((الرسالة الصفدية)) (٢/ ١٨٧ - ٢٩١). وللتوسع في هذه المسألة ينظر ((مجموع الفتاوى)) (٢٤/ ٣٠٣، ٣٣١، ٣٣٢)، ((الروح)) (المسألة الأولى)، تفسير الآية (٦٤) من النساء في ((تفسيري القرطبي وابن كثير))، ((كتاب الدعاء)) للعروسي.
(٢) ((مجموع الفتاوى)) (٢٧/ ٨١، ٨٢)، ((رسالة التوحيد)) لإسماعيل الدهلوي (ص: ١٧، ٢٠، ٢٣، ٣١، ٤٣)، ((مجموع فتاوى عبد الحي اللكنوي)) (١/ ٢٦٤) نقلاً عن كتاب ((الدعاء)) للعروسي (ص: ٢٧٤، ٢٧٥، ٢٩٦)، ((مصباح الظلام)) للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن ابن حسن (ص: ١٩٩ - ٢٠١، ٢٥٤)، ((روح المعاني)) للألوسي (١٣/ ٦٧، و١٧/ ٢١٣، و٢٤/ ١١)، ((صيانة الإنسان)) لمحمد بن بشير السهسواني الهندي (ص: ٣٧٣).
(٣) ينظر: ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (١/ ١٢٦ - ١٣٥، ١٥٠ - ١٦٣، و٢٤/ ٣٤١)، ((إغاثة اللهفان)) (١/ ٦٢)، ((رسالة التوحيد)) للدهلوي الهندي (ص: ٤٦ - ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>