والدليل على أن هذا كله شرك قوله تعالى: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة: ٤٤]، وقوله تعالى: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة: ٣١]، وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ فقلت: إنا لسنا نعبدهم؟ فقال صلى الله عليه وسلم:((أليس يحرمون ما أحل الله، فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله، فتحلونه؟ قال: قلت: بلى. فقال صلى الله عليه وسلم: فتلك عبادتهم)) (١). فذكر في هذا الحديث أن طاعتهم في مخالفة الشرع عبادة لهم، وذكر الله تعالى في آخر الآية أن ذلك شرك، ولأن من كره شرع الله كفر، لقوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد: ٩].
٥ - من يدعو إلى عدم تحكيم شرع الله، وإلى تحكيم القوانين الوضعية محاربة للإسلام وبغضاً له، كالذين يدعون إلى سفور المرأة واختلاطها بالرجال الأجانب في المدارس والوظائف, وإلى التعامل بالربا، وإلى منع تعدد الزوجات، وغير ذلك مما فيه دعوة إلى محاربة شرع الله، فالذي يدعو إلى ذلك مع علمه بأنه يدعو إلى المنكر وإلى محاربة شرع الله ظاهر حاله أنه لم يدع إلى ذلك إلا لما وقع في قلبه من الإعجاب بالكفار وقوانينهم واعتقاده أنها أفضل من شرع الله، ولما وقع في قلبه من كره لدين الإسلام وأحكامه، وهذا كله شرك وكفر مخرج من الملة، ومن كانت هذه حقيقة حاله فقد وقع في الشرك الأكبر، وإن كان يظهر أنه من المسلمين فهو نفاق أيضاً. تسهيل العقيدة الإسلامية لعبد الله بن عبد العزيز الجبرين– ص: ١٨٧
(١) [٣٥٥٣])) رواه الترمذي (٣٠٩٥) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (١٠/ ١١٦) والطبراني (١٧/ ٩٢) , قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث, وحسنه ابن تيمية في ((حقيقة الإسلام والإيمان)) (١١١) , وقال الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (٧/ ٨٦١): علة الحديث هي جهالة غطيف ابن أعين, وحسنه في ((صحيح سنن الترمذي)).