للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن يقول المسلم في ضيق شديد، أو تحل به مصيبة كبيرة، ويعلم من نفسه التفريط في جنب الله تبارك وتعالى، فيجب أن يأخذ بسبب قوي إلى الله، فيذهب إلى رجل يعتقد فيه الصلاح والتقوى، أو الفضل والعلم بالكتاب والسنة، فيطلب منه أن يدعو له ربه، ليفرج عنه كربه، ويزيل عنه همه. فهذا نوع آخر من التوسل المشروع، دلت عليه الشريعة المطهرة، وأرشدت إليه، وقد وردت أمثلة منه في السنة الشريفة، كما وقعت نماذج منه من فعل الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم، فمن ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال: ((أصاب الناس سنَة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب (على المنبر) قائماً في يوم الجمعة، قام (وفي راوية: دخل) أعرابي (من أهل البدو) (من باب كان وجَاه المنبر) (نحو دار القضاء ورسول الله قائم، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً) فقال: يا رسول الله! هلك المال، وجاع (وفي رواية: هلك) العيال (ومن طريق أخرى: هلك الكُراع، وهلك الشاء) (وفي أخرى هلكت المواشي، وانقطعت السبل (فادعُ الله لنا) أن يَسْقِيَنا () وفي أخرى: يُغيثنا (فرفع يديه يدعو) حتى رأيت بياض إبطه (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا (، ورفع الناس أيديهم معه يدعون (ولم يذكر أنه حوَّل رداءه، ولا استقبل القبلة) ولا والله (ما نرى في السماء) من سحاب ولا) قزعة (ولا شيئاً، وما بيننا وبين سَلْع من بيت ولا دار) (وفي رواية: قال أنس: وإن السماء لمثل الزجاجة) (قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت) فو الذي نفسه بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطرَ يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم (وفي رواية: فهاجت ريح أنشأت سحاباً، ثم اجتمع، ثم أرسلت السماءُ عزاليها (ونزل عن المنبر فصلى) (فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا) (وفي رواية: حتى ما كاد الرجل يصل إلى منزله) فمطرنا يومنا ذلك، ومن الغد وبعد الغد، والذي يليه حتى الجمعة الأخرى (ما تقلع) (حتى سالت مثاعب المدينة) (وفي رواية: فلا والله ما رأينا الشمس ستاً) وقام ذلك الأعرابي أو غيره وفي رواية: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبله قائماً (فقال: يا رسول الله تهدم البناء) وفي رواية: تهدمت البيوت، وتقطعت السبل، وهلكت المواشي) وفي طريق: بشَق المسافر، ومُنع الطريق (وغرق المال، فادع الله) يحبسه (لنا) فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم (فرفع يده، فقال: اللهم حوالينا ولا علينا،) اللهم على رؤوس الجبال والآكام) والظراب (وبطون الأودية ومنابت الشجر (فما) جعل) يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت مثل الجوْبَة، (وفي رواية: فنظرت إلى السحاب تصدع حول المدينة (يميناً وشمالاً) كأنه إكليل) (وفي أخرى: فانْجابَتْ) عن المدينة انجياب الثوب) (يمطر ما حولينا ولا يمطر فيها شيء (وفي طريق: قطرة) (وخرجنا نمشي في الشمس) يريهم الله كرامة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجابة دعوته)، وسال الوادي (وادي) قناة شهراً، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود)) (١).


(١) [٣٧٢٤])) قال الألباني في ((التوسل)) (ص٤٠) , رواه البخاري وقد أوردته هكذا في مختصري له (١/ ٢٢٤ - ٢٢٦ رقم ٤٩٧) جامعا بين طرقه ورواياته المختلفة الواردة في مواضع شتى.

<<  <  ج: ص:  >  >>