للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أنس بن مالك قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي رضي الله عنهما دعا أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود يحفرون ...

فلما فرغ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاضطجع فيه فقال: ((الله الذي يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد، ولقنها حجتها، ووسع مدخلها بحق نبيك، والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين ... )) (١).

قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (٩/ ٢٥٧): (رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه روح بن صلاح، وثقة ابن حبان والحاكم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح).

... ومن طريق الطبراني رواه أبو نعيم في (حلية الأولياء) (٣/ ١٢١) وإسناده عندهما ضعيف، لأن روح بن صلاح الذي في إسناده قد تفرد به، كما قال أبو نعيم نفسه، وروح ضعفه ابن عدي، وقال ابن يونس: رويت عنه مناكير، وقال الدارقطني (ضعيف في الحديث) وقال ابن ماكولا: (ضعفوه) وقال ابن عدي بعد أن أخرج له حديثين: (له أحاديث كثيرة، في بعضها نكرة) فقد اتفقوا على تضعيفه فكان حديثه منكراً لتفرده به.

وقد ذهب بعضهم إلى تقوية هذا الحديث لتوثيق ابن حبان والحاكم لروح هذا، ولكن ذلك لا ينفعهم، لما عرفا به من التساهل في التوثيق، فقولهما عند التعارض لا يقام له وزن حتى لو كان الجرح مبهماً، فكيف مع بيانه كما هي الحال هنا، وقد فصلت الكلام على ضعف هذا الحديث في (السلسلة الضعيفة) فلا نعيد الكلام عليه في هذه العجالة ...

الحديث الخامس:

عن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين)) (٢).

فيرى المخالفون أن هذا الحديث يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطلب من الله تعالى أن ينصره، ويفتح عليه بالضعفاء المساكين من المهاجرين، وهذا – بزعمهم – هو التوسل المختلف فيه نفسه.

والجواب من وجهين:

الأول: ضعف الحديث، فقد أخرجه الطبراني في (المعجم الكبير) (١/ ٨١/٢): حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه حدثنا أبي حدثنا عيسى بن يونس حدثني أبي عن أبيه عن أمية به.

وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي بن عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن أبي إسحاق عن أمية بن خالد به. ثم رواه من طريق قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن المهلب بن أبي صفرة عن أمية بن خالد مرفوعاً بلفظ:

(( ... يستفتح ويستنصر بصعاليك المسلمين)).

... مداره على أمية هذا، ولم تثبت صحبته، فالحديث مرسل ضعيف، وقال ابن عبد البر في (الاستيعاب) (١/ ٣٨): (لا تصح عندي صحبته، والحديث مرسل) وقال الحافظ في (الإصابة) (١/ ١٣٣): (ليست له صحبة ولا رواية).

... وفيه علة أخرى، وهي اختلاط أبي إسحاق وعنعنته، فإنه كان مدلساً، إلا أن سفيان سمع منه قبل الاختلاط، فبقيت العلة الأخرى وهي العنعنة.

فثبت بذلك ضعف الحديث وأنه لا تقوم به حجة. وهذا هو الجواب الأول.


(١) [٣٧٩٧])) رواه الطبراني في ((الكبير)) (٢٤/ ٣٥١) , وفي ((الأوسط)) (١/ ٦٧) وضعفه الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (٢٣).
(٢) [٣٧٩٨])) رواه الطبراني (١/ ٢٩٢) , قال ابن عبد البر في ((الاستيعاب)) (١/ ١٩٧): مرسل, وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (٤/ ١٤٢): رواته رواة الصحيح وهو مرسل, وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (١٠/ ٢٦٥): رجاله رجال الصحيح, وقال ابن حجر في ((هداية الرواة)) (٤/ ٥٧): مرسل, وضعفه الألباني في ((ضعيف الترغيب)) (١٨٥٨) ,

<<  <  ج: ص:  >  >>