٣ - ما يحصل من مساوئ التبرك الممنوع عند زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، كالجلوس عند القبر النبوي للتلاوة والذكر، ورفع الصوت بالدعاء، وتكرار التلفظ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقصد القبر للسلام عليه بعد كل صلاة.
ومع بدعية هذه الأفعال إلا أن لها أيضاً أضراراً على الآخرين، كالتشويش على المصلين، وإحداث الزحام على الزوار.
رابعا: الوقوع في أنواع من الكذب:
إن من الآثار السيئة للتبرك الممنوع لجوء أصحابه إلى الكذب، من أجل الاستدلال على شرعية ما ذهبوا إليه، أو لغرض تعيين موضع التبرك أو محله. ولهذا وقعوا في عدة أنواع من الكذب، تلك الخصلة الذميمة الممقوتة.
ويمكن بيان أنواع الكذب التي وقعوا فيها بسبب التبرك الممنوع فيما يأتي:
الأول: الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم.
لا شك أن أشد أنواع الكذب هو الكذب على الله تعالى, أو على رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد حذر عليه الصلاة والسلام من الكذب عليه بقوله: ((من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)) (١).
ويتنوع الكذب هنا على الرسول صلى الله عليه وسلم: فقد يكون في أقواله، للاستدلال على شرعية التبرك ببعض الأمور، وهذا هو الكثير، وقد يكون الكذب في آثاره صلى الله عليه وسلم.
ومن نماذج الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله ما يأتي:
١ - إيراد الأخبار الموضوعة لأجل تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم في القصص التي تقرأ ليلة المولد النبوي.
٢ - الأحاديث الموضوعة في فضل زيارة قبره صلى الله عليه وسلم.
٣ - وضع الأحاديث في فضائل القبور كحديث: ((إذا أعيتكم الأمور فعليكم بالقبور)).
٤ - الأحاديث المكذوبة في فضل الصخرة بالقدس.
٥ - أحاديث فضل الجامع الأموي بدمشق ومضاعفة الصلاة فيه.
أما الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم في آثاره فإن المقصود به ما قد ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كذباً – لا سيما في العصر الحاضر – من آثاره الحسية، للتبرك بها، كشعراته مثلاً.
وكذا دعوى وجود أثر موطئ قدم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض الأحجار، حتى يتبرك بها، وقد حققت عدم صحة ذلك.
الثاني: الكذب على غير الرسول صلى الله عليه وسلم، كالكذب على الصحابة رضي الله عنهم، أو التابعين رحمهم الله، وغيرهم من الصالحين.
وهذا الكذب عليهم قد يكون في الأقوال، مثل ما ينسب إليهم من الروايات المكذوبة في ذكر فضائل وبركة بعض الأماكن.
وقد يكون الكذب عليهم في الأفعال، كادعاء حصول البركة عند بعض القبور، مثل ادعاء أن الشافعي كان يدعو عند قبر أبي حنيفة إذا نزلت به شدة فيستجاب له.
الثالث: الكذب في تعيين موضع التبرك.
ويكثر هذا النوع في تعيين مواضع قبور بعض الصالحين من الصحابة وغيرهم.
ولعل خير مثال على ذلك هو تعدد أسماء المدن التي يقال إن رأس الحسين بن علي رضي الله عنهما موجود فيها، فقد بلغ عددها ثمانية أسماء.
الرابع: ادعاء بركة بعض المواضع دون مستند شرعي.
ومن النماذج على ذلك: زعمهم أن دار خديجة رضي الله عنها بمكة أفضل المواضع بعد المسجد الحرام، وأن الدعاء يستجاب فيها.
ومنها كثرة ادعاء استجابة الدعاء عند بعض المقابر أو الجبال أو المساجد المحدثة المبنية على آثار الأنبياء والصالحين ...
خامساً: تحريف النصوص:
... إن أصحاب التبرك الممنوع، من أجل الاستدلال على شرعية ما ذهبوا إليه يلجؤن أحياناً إلى الكذب، فهم لهذا أيضاً يذهبون إلى تحريف معاني النصوص الشرعية، وتحميلها ما لا تحتمل.
وأغلب ما يوجد من هذا التحريف هو تحريفهم النصوص التي يريدون الاستدلال بها.
ومن الأمثلة على ذلك ما يأتي:
(١) رواه البخاري (١٢٩١)، ومسلم في مقدمة صحيحه (٣).