للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- التبرك بمكان ولادة النبي صلى الله عليه وسلم، أو بليلة مولده، أو بليلة الإسراء والمعراج، أو ذكرى الهجرة، ونحو ذلك.

- وكذا التبرك بموالد الصالحين، أو من يسمون بالأولياء.

- التبرك المبتدع ببعض الجبال والمواضع.

وكما أن التبرك الممنوع بدعة في حد ذاته فهو أيضاً يجر إلى بدع أخرى.

وأكتفي هنا من الشواهد على ذلك بمثالين فقط.

أحدهما: أن من النتائج السيئة للتبرك الممنوع بقبور الأنبياء والصالحين بناء المساجد عليها، وبناء القباب فوقها، وزخرفة القبور وتشييدها، وكذا بناء المساجد على آثار الأنبياء والصالحين، ونحو ذلك من الأعمال المحدثة في الإسلام.

الثاني: أن التبرك الممنوع بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته قد أدى إلى إحداث عيد المولد النبوي والاحتفال به، ثم تدرج الأمر، فأقيمت الاحتفالات لأعياد أخرى كثيرة مبتدعة، في مواسم متفرقة، كليلة الإسراء والمعراج, وذكرى الهجرة، وغير ذلك من الأعياد المبتدعة التي تفعل باسم الدين، وكأنها من شعائر الإسلام، والتي يزداد عددها مع مرور الأيام.

وهذا هو شأن البدعة، فإن فعل القليل منها يؤدي إلى فعل الكثير من البدع الأخرى.

فلا يجوز التهاون في شأن البدعة مهما صغرت، فإنها تتدرج حتى تكبر وتعظم، ويشتد خطرها وأثرها.

قال الإمام أبو محمد البربهاري رحمه الله محذراً عن ذلك: (واحذر صغار المحدثات من الأمور، فإن صغار البدع تعود حتى تصير كباراً، وكذلك كل بدعة أحدثت من الأمور، فإن صغار البدع تعود حتى تصير كباراً، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة، كان أولها صغيراً يشبه الحق، فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع المخرج منها، فعظمت، وصارت ديناً يدان بها) (١).

وحسبنا في ذم البدع والابتداع قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)) (٢)، وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: ((وشر الأمور محدثاتها)) (٣).

ثالثا: اقتراف المعاصي:

إن من آثار التبرك الممنوع انتهاك الحرمات، ووقوع كثير من المفاسد والمنكرات، ومن الأمثلة على ذلك ما يأتي:

١ - ما تتضمنه غالباً أعياد المولد النبوي، وأعياد موالد الأولياء، وكذا الأعياد المبتدعة الأخرى من أنواع المعاصي والمنكرات الظاهرة.

ومنها استعمال الأغاني وآلات اللهو والطرب، وما يتبع ذلك من الرقص.

وإقامة حلقات الذكر على الوجه المحرم شرعاً، مع قلة احترام كتاب الله تعالى.

ومنها اختلاط الرجال بالنساء، وما ينتج عن ذلك من الفتنة.

ومنها إضاعة الأموال وتبذيرها لإقامة الحفلات، والإسراف في إيقاد الشموع في المساجد والطرقات, ونفقات الزينة.

إلى غير ذلك من الأمور المخالفة للشرع، التي تفعل باسم التبرك والاحتفال بليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم ونحوها من المناسبات.

٢ - ما يترتب من المفاسد والأضرار على التبرك الممنوع بالقبور واتخاذها مزارات ومشاهد وأعياد متكررة.

ومن ذلك صرف النفقات الباهظة المحرمة على بناء القباب والمزارات وكسوتها بالأقمشة، وتزيينها بالمصابيح، وتحبيس الأوقاف للإنفاق على ذلك، وإضاعة الأموال عن طريق النذور التي تقدم لصالح الأموات ويأكلها السدنة.


(١) ((شرح السنة)) لأبي محمد البربهاري (ص: ٢٣).
(٢) رواه أبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٢)، وأحمد (٤/ ١٢٦) (١٧١٨٤). قال الترمذي: هذا حديث صحيح. قال الشوكاني في ((إرشاد الفحول)) (١/ ١٦٠)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح.
(٣) رواه مسلم (٨٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>