للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبر في آية سورة غافر أن حملة العرش والملائكة الذين حول العرش ينزهون ربهم، ويخضعون له، ويخصون المؤمنين التائبين بالاستغفار، ويدعونه بأن ينجيهم من النار، ويدخلهم الجنة، ويحفظهم من فعل الذنوب والمعاصي: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [غافر: ٧ - ٩]

- شهودهم مجالس العلم, وحلق الذكر, وحفهم أهلها بأجنحتهم:

في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن لله ملائكة يطوفون في الطرق، يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم)). قال: ((فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا)) (١).

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) (٢).

وفي سنن الترمذي عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع)) (٣)؛ أي تتواضع له.

فالأعمال الصالحة - كما ترى - تقرب الملائكة منا، وتقربنا منهم، ولو استمر العباد في حالة عالية من السمو الروحي، لوصلوا إلى درجة مشاهدة الملائكة ومصافحتهم كما في الحديث الذي يرويه مسلم، عن حنظلة الأسيدي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم)) (٤).

وفي رواية الترمذي عن حنظلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أنكم تكونون كما تكونون عندي لأظلتكم الملائكة بأجنحتها)) (٥).

- تسجيل الملائكة الذين يحضرون الجمعة:

وهؤلاء الملائكة يسجلون بعض أعمال العباد، فيسجلون الذين يؤمون الجُمَع الأول فالأول. فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم، وجلسوا يستمعون الذكر)). متفق عليه (٦).


(١) رواه البخاري (٦٤٠٨) واللفظ له، ومسلم (٢٦٨٩).
(٢) رواه مسلم (٢٦٩٩).
(٣) رواه الترمذي (٢٦٨٢). ورواه أبو داود (٣٦٤١)، وابن ماجه (٢٢٣)، وأحمد (٥/ ١٩٦) (٢١٧٦٣)، وابن حبان (١/ ٢٨٩) (٨٨). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: ليس هو عندي بمتصل، وقال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (٤/ ١٠٦): لا يصح، وقال ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (٢٥/ ٢٤٧): له طرق كثيرة، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (١/ ١٥١) كما أشار لذلك في المقدمة، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح.
(٤) رواه مسلم (٢٧٥٠).
(٥) رواه الترمذي (٢٤٥٢). وقال: حسن غريب من هذا الوجه، وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): حسن صحيح.
(٦) رواه البخاري (٩٢٩)، ومسلم (٨٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>