للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - التناسب في جميع ما تضمنه القرآن من الأخبار، والعقائد، والأحكام من غير اختلاف ولا تعارض ولا تضاد، الأمر الذي لا ينتظر من بشر، أن يسلم كلامه من الاختلال والاختلاف، قال تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا [النساء: ٨٢] (١).

٥ - الاتفاق التام بين إشارات القرآن الكريم إلى بعض العلوم الكونية وبين معطيات العلم الحديث؛ الأمر الذي أثار دهشة كثير من الباحثين الغربيين المعاصرين، حيث تعرض القرآن الكريم إلى بعض العلوم الكونية وبين معطيات العلم الحديث؛ الأمر الذي أثار دهشة كثير من الباحثين الغربيين المعاصرين، حيث تعرض القرآن الكريم لقضايا علمية دقيقة – نحو ما يتعلق بعلم الأجنة – لم تكتشف وسائل معرفتها إلا بعد عصر نزول القرآن بعدة قرون (٢).

وأما الثاني: وهو أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد تعلم القرآن من غيره، فهذا الغير إما أن يكون إنسيا أو جنيا، والإنسي إما أن يكون من بني قومه أو من أهل الكتاب:

أما كون النبي صلى الله عليه وسلم قد تعلم القرآن عند بعض قومه، فهذا فاسد من وجهين:

١ - أن النبي صلى الله عليه وسلم نشأ أميا، بين ناس أميين، لا يعرفون غير علم البيان، والفصاحة، وما يتصل بهما، وكانوا منعزلين بشركهم عن أهل الكتاب، قال تعالى: تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ العَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود: ٤٩] ففي الآية إشارة واضحة إلى أن هذا النوع من العلم ما كان عند العرب، وليس لهم به دراية (٣).

٢ - لم يدع واحد من العرب – مع شدة تكذيبهم – نسبة هذا القرآن إلى نفسه، ثم إن الله تعالى قد تحدى به بلغاءهم، وفصحاءهم على أن يأتوا بسورة من مثله، فلم يتعرض واحد منهم لذلك، اعترافا بالحق، وربئا بالنفس عن تعريضها للافتضاح؛ وهم أهل القدرة في فنون الكلام نظما ونثرا، وترغيبا وزجرا (٤).

أما كون المعلم من أهل الكتاب، فهذا يرده ما يلي:

١ - لم يذكر واحد من المصادر التاريخية جلوس النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي أحبار اليهود، أو رهبان النصارى، بغية التعلم والمدارسة (٥). أما مقابلته بحيرا الراهب، فقد كانت قبل النبوة بفترة من الزمن، وكانت وجيزة في وقتها؛ لا يعقل أن يتلقى فيها كل هذا العلم، ثم إنها كانت بحضور عمه أبي طالب وغيره، ولو وجدوا في تلك المقابلة ما يبطل دعوى الرسول صلى الله عليه وسلم النبوة لأفشوه إلى قريش، بل إن بحيرا لما لاحت له تباشير النبوة، همس بها على أبي طالب، حاثا له على المحافظة على ابن أخيه من يهود. وأما مقابلته صلى الله عليه وسلم ورقة بن نوفل – ابن عم زوجه خديجة رضي الله عنها -، وذلك بعد النبوة، فكانت لأجل اطمئنان زوجه عليه، وورقة كان شيخا كبيرا قد عمي، ولم يلبث أن توفي، وذلك قبل فترة الوحي؛ مما يحيل دعوى تعلم الرسول صلى الله عليه وسلم منه شيئا.


(١) انظر: بيان هذا المعنى عند الشاطبي في ((الاعتصام)) (٢/ ٣٠٧) وما بعدها.
(٢) انظر: ((دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة)) للأستاذ: موريس بوكاي (ص: ١٥٠).
(٣) انظر: ((المعجزة الكبرى – القرآن –)) محمد أبو زهرة (ص: ٣١٠) دار الفكر العربي (بدون رقم الطبعة وتاريخها وبلدها).
(٤) انظر: ((التحرير والتنوير)) – محمد الطاهر بن عاشور (ص:٨٢) دار الكتب الشرقية – تونس (بدون رقم الطبعة وتاريخها).
(٥) انظر: ((النبأ العظيم)) – دراز (ص: ٥٠)، و ((فقه السيرة)) لمحمد الغزالي (ص: ٦٨)، خرج أحاديثه: محمد ناصر الدين الألباني – دار الكتب الحديثة – الطبعة السابعة ١٩٧٦م مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>