للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن الله تعالى رد على الذين قالوا: إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ [النحل: ١٠٣] ذلك حين زعم المشركون في مكة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس إلى بعض غلمان النصارى يتعلم منهم (١)، فرد الله عليهم بقوله: لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ [النحل: ١٠٣].

٣ - أن القرآن الكريم قد شنع بأهل الكتاب ودحض شبهاتهم وأغاليطهم، ثم دعاهم إلى الإيمان بالرسول الكريم، والاستجابة للذكر الحكيم؛ قال تعالى: وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة: ٣٠] وقال تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران: ٦٤] وقال تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ [المائدة: ٥٩]، فكيف يعقل بعد ذلك أن يكون اليهود والنصارى مصدر القرآن ومنبعه، وهذه حالهم من الإعراض عنه والكفر به، وبمن أنزل عليه؟

أما أن يكون المعلم جنيا، فحال النبي صلى الله عليه وسلم بين قومه، ولبوثه فيهم عمرا طويلا، وهو أحسنهم خلقا؛ وأعظمهم عقلا؛ وأثبتهم نفسا؛ وأرسخهم فهما؛ كل ذلك وغيره يحيل أن يكون صلى الله عليه وسلم ملاذ الشياطين ومحل وساوسهم، بل الشياطين لأعجز من أن تأتي بهذا الكلام ... أما إضافة قريش القرآن إلى السحر والجن، فهذا حينما أعيتهم الحجة، وعجزوا عن الإتيان بمثله، على سبيل الجزم والإيقان. منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة لعثمان علي حسن - بتصرف– ١/ ٥٦


(١) انظر تفصيل هذه المسألة: ((الجامع لأحكام القرآن)) – القرطبي – (١٠/ ١٧٧، ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>