وأهل السنة والجماعة: يؤمنون بأن القرآن كلام الله تعالى: - حروفه ومعانيه - منه بدأ وإليه يعود، منزل غير مخلوق، تكلم الله به حقاً، وأوحاه إلى جبريل؛ فنزل به جبريل - عليه السلام - على محمد صلى الله عليه وسلم. أنزله الحكيم الخبير بلسان عربي مبين، ونقل إلينا بالتواتر الذي لا يرقى إليه شك، ولا ريب، قال الله تعالى: وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ [الشعراء:١٩٢ - ١٩٥] والقرآن الكريم: مكتوب في اللوح المحفوظ، وتحفظه الصدور، وتتلوه الألسن، ومكتوب في الصحف، قال الله تعالى: بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت:٤٩]. وقال: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ [الواقعة:٧٧ - ٧٩]. والقرآن الكريم: المعجزة الكبرى الخالدة لنبي الإسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وهو آخر الكتب السماوية؛ لا ينسخ ولا يبدل، وقد تكفل الله بحفظه من أي تحريف، أو تبديل، أو زيادة، أو نقص إلى يوم يرفعه الله تعالى، وذلك قبل يوم القيامة. قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:٩]. وأهل السنة والجماعة: يكفرون من أنكر حرفاً منه أو زاد أو نقص، وعلى هذا فنحن نؤمن إيماناً جازماً بأن كل آية من آيات القرآن منزلة من عند الله، وقد نقلت إلينا بطريق التواتر القطعي. والقرآن الكريم: لم ينزل جملة واحدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل نزل منجماً، أي مفرقاً حسب الوقائع، أو جواباً عن أسئلة، أو حسب مقتضيات الأحوال في ثلاث وعشرين سنة. والقرآن الكريم: يحتوي على (١١٤) سورة، (٨٦) منها نزلت في مكة، و (٢٨) منها نزلت في المدينة، وتسمى السور التي نزلت قبل الهجرة النبوية بالسور المكية، والسور التي نزلت بعد الهجرة بالسور المدنية، وفيه تسع وعشرون سورة افتتحت بالحروف المقطعة. وقد كتب القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبمرأى منه؛ حيث كان للوحي كتبة من خيرة الصحابة – رضي الله عنهم – يكتبون كل ما نزل من القرآن وبأمر من النبي صلى الله عليه وسلم ثم جمع في عهد أبي بكر بين دفتي المصحف، وفي عهد عثمان على حرف واحد؛ رضي الله تعالى: عنهم أجمعين. وأهل السنة والجماعة: يهتمون بتعليم القرآن وحفظه، وتلاوته، وتفسيره، والعمل به. قال تعالى: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:٢٩]. ويتعبدون لله تعالى: بقراءته؛ لأن في قراءة كل حرف منه حسنة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:((من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، ولا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) (١). وأهل السنة والجماعة: لا يجوزون تفسير القرآن بالرأي المجرد؛ فإنه من القول على الله – عز وجل – بغير علم، ومن عمل الشيطان، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة:١٦٨ - ١٦٩]. بل يفسر القرآن بالقرآن وبالسنة، ثم بأقوال الصحابة، ثم بأقوال التابعين، ثم باللغة العربية التي نزل بها القرآن الإيمان حقيقته خوارمه نواقضه عند أهل السنة عبدالله بن عبدالحميد الأثري - ص ١٣٥
(١) رواه الترمذي (٢٩١٠). من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وصحح إسناده الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (٩٠١) - كما أشار لذلك في مقدمته -. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح.