للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحدث أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن مفلح المقدسي عن حضور الشيطان عند المحتضر تحت عنوان (الفصل الثاني والعشرون في اجتهاد الشيطان على المؤمن عند الموت)، واستشهد بما رواه النسائي وأبو داود بسنديهما عن أبي اليسر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((اللهم إني أعوذ بك من التردّي، والهدم، والغرق، والحريق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً، وأعوذ بك أن أموت لديغاً)) (١).

فقوله صلى الله عليه وسلم: ((وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت) قال الخطابي ت٣٨٨هـ في شرحه: (هو أن يستولي عليه عند مفارقة الدنيا، فيضله، ويحول بينه وبين التوبة أو يعوقه عن إصلاح شأنه والخروج من مظلمة تكون قبله، أو يؤيسه من رحمة الله، أو يكره له الموت ويؤسفه على حياة الدنيا، فلا يرضى بما قضاه الله عليه من الفناء والنقلة إلى الدار الآخرة، فيختم له، ويلقى الله وهو ساخط عليه) (٢).

ويقول ابن الجوزي ت٥٩٧هـ: (وقد يتعرض إبليس للمريض فيؤذيه في دينه ودنياه، وقد يستولي على الإنسان فيضله في اعتقاده، وربما حال بينه وبين التوبة ... وربما جاء الاعتراض على المقدر؛ فينبغي للمؤمن أن يعلم أن تلك الساعة هي مصدوقة للحرب، وحين يحمى الوطيس فينبغي أن يتجلد، ويستعين بالله على العدو) (٣). أحوال المحتضر لمحمد العلي مجلة الجامعة الإسلامية العدد ١٢٤ - ص ١٢٣


(١) رواه أبو داود (١٥٥٢)، والنسائي (٨/ ٢٨٣)، وأحمد (٣/ ٤٢٧) (١٥٥٦٢)، والطبراني (١٩/ ١٧٠) (٣٨١). والحديث سكت عنه أبو داود، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٣/ ٢٣) كما قال ذلك في المقدمة، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
(٢) ((معالم السنن)) (٢/ ١٩٤).
(٣) ((الثبات عند الممات)) (ص: ٤١، ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>