للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بعض الصحابة رضي الله عنهم يرى رأي عمر ويحلف أن ابن صياد هو الدجال كما ثبت ذلك عن جابر, وابن عمر, وأبي ذر.

ففي الحديث عن محمد بن المنكدر قال: (رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن صياد هو الدجال. قلت: تحلف بالله؟ قال: إني سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم) (١).

وعن نافع قال: كان ابن عمر يقول: (والله ما أشك أن المسيح الدجال ابن صياد) (٢).

وعن زيد بن وهب قال: قال أبو ذر رضي الله عنه: (لأن أحلف عشر مرات أن ابن صائد هو الدجال أحب إلي من أن أحلف مرة واحدة أنه ليس به) (٣).

وعن نافع قال: ((لقي ابن عمر ابن صائد في بعض طرق المدينة فقال له قولاً أغضبه، فانتفخ حتى ملأ السكة، فدخل ابن عمر على حفصة وقد بلغها، فقالت له: رحمك الله ما أردت من ابن صائد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما يخرج من غضبة يغضبها)) (٤).

وفي رواية عن نافع قال: ((قال ابن عمر: لقيته مرتين قال: فلقيته فقلت لبعضهم هل تحدثون أنه هو؟ قال: لا والله. قال: قلت كذبتني، والله لقد أخبرني بعضكم أنه لن يموت حتى يكون أكثركم مالاً وولداً، فكذلك هو زعموا اليوم.

قال فتحدثنا ثم فارقته، قال: فلقيته مرة أخرى، وقد نفرت عينه، قال: فقلت: متى فعلت عينك ما أرى؟ قال: لا أدري.

قلت: لا تدري وهي في رأسك؟

قال: إن شاء الله خلقها في عصاك هذه، قال: فنخر كأشد نخير حمار سمعت.

قال: فزعم بعض أصحابي أني ضربته بعصا كانت معي حتى تكسرت وأما أنا فوالله ما شعرت.

قال: وجاء حتى دخل على أم المؤمنين فحدثها، فقالت: ما تريد إليه ألم تعلم أنه قد قال: إن أول ما يبعثه على الناس غضب يغضبه)) (٥).

وكان ابن صياد يسمع ما يقوله الناس فيه فيتأذى من ذلك كثيراً، ويدافع عن نفسه بأنه ليس الدجال, ويحتج على ذلك بأن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من صفات الدجال لا تنطبق عليه.

ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((خرجنا حجاجاً أو عماراً ومعنا ابن صائد. قال: فنزلنا منزلاً. فتفرق الناس وبقيت أنا وهو. فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه. قال وجاء بمتاعه فوضعه مع متاعي. فقلت: إن الحر شديد. فلو وضعته تحت تلك الشجرة. قال: ففعل. قال: فرفعت لنا غنم. فانطلق فجاء بعس. فقال: اشرب. أبا سعيد. فقلت: إن الحر شديد واللبن حار. ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده - أو قال آخذ عن يده -.


(١) رواه البخاري (٧٣٥٥)، ومسلم (٢٩٢٩).
(٢) رواه أبو داود (٤٣٣٠). وسكت عنه، وصحح إسناده النووي في ((شرح صحيح مسلم)) (١٨/ ٤٧)، ومحمد المناوي في ((تخريج أحاديث المصابيح)) (٤/ ٥٣٤)، وابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (٥/ ١٤٥).
(٣) رواه أحمد (٥/ ١٤٨) (٢١٣٥٧). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (٨/ ٥): رواه أحمد والبزار والطبراني في ((الأوسط))، ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحارث بن حصيرة وهو ثقة.
(٤) رواه مسلم (٢٩٣٢).
(٥) رواه مسلم (٢٩٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>