للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشير إلى قول الله عز وجل: وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا [الزلزلة:٢] وإلى ما رواه مسلم رحمه الله تعالى: في (صحيحه) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تُلقي الأرضُ أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيءُ القاتل فيقول في هذا قُتِلت، ويجيءُ القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارقُ فيقول في هذا قُطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً)) (١). وقوله (وكذا الجبال تفت فتاً محكماً) يشير إلى قول الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًاً [طه:١٠٥ – ١٠٧] وقوله عز وجل: وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ [النمل:٨٨] الآية، وقوله عز وجل: وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا [الواقعة:٥ – ٦] وقوله عز وجل وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ [المعارج:٩] وفي سورة القارعة: كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ [القارعة:٥] وقوله عز وجل: يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلاً [المزمل:١٤] وقوله عز وجل: وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ [المرسلات:١٠] وقوله عز وجل: وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ [التكوير:٣] وقوله عز وجل: وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا [النبأ:٢٠] وقوله عز وجل: وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً [الحاقة:١٤] وقوله عز وجل: وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَة [الكهف:٤٧] وما في معانيها من الآيات. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (سأل رجل من ثقيف رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تكونُ الجبال يومَ القيامة؟ فأنزل اللهُ تعالى: هذه الآية وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ) أي هل تبقى يوم القيامة أو تزول فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا [طه:١٠٥] أي يذهبها عن أماكنها ويسيِّرها تسييراً فيذرها أي الأرض قاعاً صفصفاً أي بسطاً واحداً، والقاع هو المنبسط المستوي من الأرض والصفصف الأملس لا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًاً [طه:١٠٧] أي لا ترى في الأرض يومئذٍ وادياً ولا رابية ولا صدعاً ولا أكمة ولا مكاناً منخفضاً ولا مرتفعاً. كذا قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن البصري والضحاك وقتادة وغير واحد من السلف رحمهم الله تعالى. وقوله تعالى: تَحْسَبُهَا جَامِدَة [النمل:٨٨] أي قائمة واقفة وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ [النمل:٨٨] أي تسير سير السحاب حتى تقع على الأرض، قال البغوي رحمه الله تعالى: وذلك أنَّ كلَّ شيء عظيم وكُلَّ جمع كثير يقصر عنه البصر لكثرته وبعد ما بين أطرافه فهو في حسبان الناظر واقف وهو سائر، كذلك سير الجبال لا يرى يوم القيامة لعظمها، كما أن سير السحاب لا يرى لعظمه وهو سائر. وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وغيرهم في قوله تعالى: وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا [الواقعة:٥]: أي فتت فتاً. وقال عطاء ومجاهد ومقاتل: فصارت كالدقيق المبسوس، وهو المبلول. قال سعيد بن المسيب والسدِّي: كسرت كسراً. وقال الكلبي: سُيِّرَتْ على وجه الأرض تسييراً. وقال الحسن: قلعت من أصلها فذهبت. ونظيرُها فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا [طه:١٠٥] وقال ابن كيسان: جعلت كثيباً مهيلاً بعد أن كانت شامخة طويلة فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا [الواقعة:٦]: غباراً متفرقاً كالذي يرى في شعاع الشمس إذا دخل الكوة وهو الهباء. وقال أبو إسحاق: عن الحارث عن علي رضي الله عنه هَبَاء مُّنبَثًّا: كوهج الغبار يسطع ثم يذهب فلا يبقى منه شيء.


(١) رواه مسلم (١٠١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>